الثلاثاء، 11 نوفمبر 2008

وسط ضجة الأغاني والكلمات والأحاديث المتبادلةفي أحد مطاعم الوجبات السريعةوسط زحمة الحواديت والضحكات والأكلاتبواقي بطاطس..صينية...زبالة...وسط زحمة الحواديت والضحكات والأكلاتنسينا الإنسانونسينا نفسناصرنا تائهين في الحياة بلا هدفنجري ورا الحواديت والضحكات والأكلاتفلا نشبعونظل نجريعلنا نشبعلكننا لن نشبع أبداًطالما نجري ورا الحواديت والضحكات والأكلات
(محاولة قديمة ربما من ٢٠٠٤ - من أحد مطاعم الوجبات السريعة)

لكل من صدق حلمه وسمع قلبه
لروبرتو، حازم شاهين، الأخت امانويل ...
كلمات قديمة من ٢٠٠٤، جايز فيها قدر من الجنون والسذاجة
وجزء من الحقيقة
والحكم متروك لكل إنسان عنده قلب

جوة فقلبك حلم بريء
دور عالطريق...
لو كل الناس من حواليك
بصوا وقالوا ربنا يهديك
الفلوس وحدها تحميك،
ما تمشيش ويا القطيع
ولا تعرض حلمك للبيع
حتى لو مشيت ضد التيار
حتى لو بقيت في حيرة ونار
و مش عارف إيه تختار
اسمع قلبك، دور فيه
راح تعرف إيه اللي مخبيه
لسة فقلبك:
نقطة نور عايزة تنور تملا الكون،
لسة فيه عصفور أسير نفسه يطير ويروح لبعيد،
لسة فيه حبة خردل مستنية في يوم تتحول
تبقى في ليلة شجرة كبيرة
مادة في الأرض رجليها
وتعاكس السما بإيديها.
لسة فقلبك:
حلم صغير عارف إنه في يوم راح يكبر
لو آمنت بنقطة نور
وغنيت ويا العصفور
وصدقت فحبة خردل
إنها ممكن يوم تتحول.
حرر حلمك سيبه يطير
واحضن كل الكون بإيديك
حب حياتك.. حب الناس
عيش كل دقيقة بإحساس:
إنك في الدنيا لأسباب
لاهي صدفة ولا غلط فحساب
عيش بحلمك..عيش لحلمك
وأكيد راح تلقى نفسك
لو بس سمعت قلبك...
جوة فقلبك حلم بريء
دور عالطريق...

الأربعاء، 29 أكتوبر 2008

ايجاد المعنى في الآخر

كنت في محاضرة علم نفس، تناول المحاضر فيها فيما تناول بعض المشكلات الخاصة بالشخصية وكان من بينها ضعف الإرادة في التقدم في الحياة وعدم تحمل مسئوليتها وهو أمر يحدث نتيجة لضعف الدفع الذاتي أو قلة تقدير الذات والثقة بالنفس. وهذا يعني أن الإنسان لا يسع لنموه الشخصي، يسير مستسلماً لظروف الحياة ولروتينه اليومي دون إحداث أي تقدم في حياته أو في حياة الآخرين، منتظراً أن يحُدث تغييراً خارجياً في الظروف ينقذه من واقعه المأساوي. والحقيقة أن هذا التغيير الخارجي لن يأتي أبداً، فالتغيير يبدأ من داخل الإنسان نفسه وليس من خارجه.

ولكن، من أين يأتي الدفع الذاتي هذا الذي يٌقوي إرادة الإنسان في التقدم في حياته بل وأكثر من ذلك يعطيه رغبة قوية في الحياة بعد أن كان لا يجد لها معنى أو فائدة للحد الذي قد يوصله لتمني الموت – وما الفارق بين حياته هذه وموته، فكأنه يعيش ميتاً.
هل يكون هذا الدفع هو تحقيق النجاح الشخصي؟ وما هو هذا النجاح؟ وما فائدته وماذا بعده؟ هل يكون هذا الدفع الشخص المحبوب المنتظر؟ وماذا بعد الوصول إليه؟ وهل تتوقف حياتنا إلى حين الوصول إليه؟ وهل يكون هذا الدفع في المال وتحقيق الاحتياجات والرغبات المادية؟ وماذا بعد الوصول؟ لماذا يبني الإنسان نفسه؟ لماذا يتعلم ويدرس؟ لماذا يعمل؟ لماذا يتزوج؟ لماذا ينجب؟ لماذا يعيش؟ لماذا يستيقظ في كل صباح.

قال المحاضر أن في الأصل الإنسان أناني، وكنت أعارض هذا الرأي...

أستطيع أن أجزم بكل ما في من قوة أن الإنسان لن يجد الدفع الذاتي الحقيقي الذي يعطيه نعمة حب الحياة دون المرور بالآخر، صحيح أن الأنانية تطغي علينا جميعاً ولكنها ليست طبيعتنا، وكيف تكون طبيعتنا إذا كانت سعادتنا تكمن في الآخر؟ الأنانية ليست طبيعة الإنسان إنها غلاف من الصدأ كونه الزمن وتحته يكمن الإنسان الحقيقي. تحت هذا الغلاف، تحته فقط سنجد أعظم دافع للحياة، في الحياة من أجل آخر. آخر من العائلة، في الدراسة، في العمل، في الشارع... آخر أب، أم، أخ أو أخت، صديق، حبيب، ابن أو ابنة، زميل، آخر إنسان...

فما نفع دراستي إذا كانت لا تتطلع لإفادة آخراً في مكان ما، وما نفع عملي إذا كان لا يفيد آخرين؟ وأسئلة أخرى على نفس هذا المنوال تُعيدنا إلى نقطة واحدة:



الآخر
ففيه يكمن المعنى، كل المعنى.

وحينما يدرك الإنسان أن سعادته الحقيقية تكمن في الخروج من ذاته لملاقاة الآخر، يتغير العديد من الأشياء،
يصبح إنساناً منطلقاً،
لا تثقله همومه الشخصية كما كانت من قبل،
يهتم بشئون الآخر وهمومه،
يتولى مسئولية إنماء نفسه في سبيل إنماء عطاؤه، فالإنسان يحتاج أن يأخذ بنزيناً من المعرفة والحب حتى يستطيع بدوره أن يعطي- فيُحدث بذلك نوع من التوازن والإنصات لاحتياجاته الشخصية واحتياجات الآخر،
يصبح حراً،
لا ينتظر حدوث أمر في المستقبل يغير حياته بل يعيش الحاضر مُحدثاً فيه تساؤلات وتغيير يومي،
تتسع قدرته على العطاء وكأنه أصبح غنياً إذ فجأةً،
يُصبح أكثر تقديراً لنفسه،
يتحمل مسئولية حياته كاملةً واختياره أن يخرج من ذاته دونما مقابل- وفي ذلك صعوبة شديدة وفرح كبير

فحين يتحول نظر الإنسان من نفسه إلى الآخر،
لا يقلق الإنسان من مرور السنوات الواحدة تلو الأخري
لا يقلق من تكاثر الشعر الأبيض في رأسه
وتصبح سنواته وحياته وشعره الأبيض تقدمة حب في هيكل الآخر
ليتنا نستطيع أن نصل هناك

وليكن لنا رجاء

الأحد، 7 سبتمبر 2008

٣ صفحات منسية في دفتري الأزرق الصغير



تساءلت كثيراً عن معنى الحياة
ولماذا نعيشها
ولماذا يجب أن يمر البشر - في أغلب الوقت - بنفس الخطوات أو المراحل الأساسية
وأهم تساؤل كان عندي دائماً هو ماذا بعد...
خطوات أساسية من دراسة، عمل، زواج، أطفال، أحفاد ثم موت
وفي كل خطوة من تلك الخطوات تساؤل واحد...
ماذا بعد؟
كل هذا ما معناه؟


فجأة وهبتني الحياة ما أستطيع أن أسميه "الحقيقة"
ولا أدري كيف كنت لا أدرك تلك الحقيقة
حتى وإن قرأت عنها في كتب كثيرة


فجأة، وفي لحظة من الزمن
أدركت أن ما وراء كل هذه الخطوات
وما يعطيها المعنى ويملؤها بالحياة


هــــــــــــو الحــــــــــــــــــب

الثلاثاء، 2 سبتمبر 2008

يارب نور جزمنا القديمة

يا ترى ليه سعر الجزم البرازيلي غالي وسعر اللحمة اللي برضه برازيلي أرخص ماللحمة المصري؟
مع العلم إن المصدر واحد: الجاموسة!
ده في حالة إذا كان جلد جزمهم طبيعي أساساً!

وليه سوق الجزم والشنط مليان بضاعة زبالة صيني بسعر متوسط؟ أو بضاعة برازيلي مش جلد طبيعي وغالية!
وفين الجزم المصري؟
ركبناها خلاص في دماغاتنا! بس ياترى كات طبيعي ولا صناعي؟!

وعلى رأي أمي، كات تقولي زمان قبل كل امتحان، أدعي إن ربنا ينور لي الجزمة القديمة اللي فراسي! ينور عقلي يعني...

وعمار يا مصر ويا برازيل ويا صين

الثلاثاء، 10 يونيو 2008

قصة الحلزون

لا شئ يمشي بشكل جيد
لم أعد أعلم ماذا أفعل هنا؟
ما قيمتي أو نفعي؟
كذبة قيلت قديماً وصدقتها: "أنت لا تجيدين فعل شئ بشكل جيد"
لا أريد أن يكون لي نفع
وقد لا يكون لي قيمة أيضاً
ولكني أريد بكل ما في من قوى
أن أُحَب كما أنا
بكل فقري وضعفي
فمن هو محرري الشجاع
الفارس؟
يأخذني بين يديه كما لو كان ممسكاً بحلزون ينفخ فيه نفسه الدافئ، فيخرج هذا الآخر من قوقعته إلى النور والحياة.
أيوجد مثل هذا الفارس بين البشر؟
أم إنه علي أن أبحث دائماً عن هذا الحب المجاني بين يدي الله فقط؟!



الاثنين، 9 يونيو 2008

كنت ورا البهايم

أتذكر وقت كنت بالكلية وسمعت لأول مرة عن قرب – وخارج المسلسلات التليفزيونية - جملة بالصعيدي عندما طلب مني أحد الزملاء "لافيني الكتاب والملزمة". واندهشت وقتها وطلبت منه أن يكرر ما قال لأنني لم أستوعبه تمام الاستيعاب.

لم أكن أعلم وقتها إن عملي سيكون له صلة وثيقة بمجتمع الصعيد، مجتمع القرى أكثر منه مجتمع المدينة. وأجدني أحب ما أكتشفه – عندما تسنح لي الفرصة – من جمل وكلمات مختلفة عنا نحن القاهريين.


ومؤخراً في أحد الزيارات لأحد المدارس الموازية1 بسوهاج وبالتحديد بقرية كوم غريب – مركز طما، شمال سوهاج - وعند سؤال بعض الفتيات - عمرهن يتراوح بين ١٠ و ١١ سنة – عما كن يفعلن قبل المدرسة، تكررت إجابات مثل"كنت بأروح ورا البهايم" أو "كنت بأسرح". الجملة الأولى تعني رعي المواشي وأما الثانية فتختص بأعمال الغيط من حصاد وغيره وهي أعمال يقوم بها الأطفال لمساعدة عائلاتهم. وفي قرى أخرى مثل الحلاقي وتنطق “الحلاجي”- مركز طما – تسرح الفتيات حتى تأتين بالشيل أو جهاز العروسة لأن أهلهم ليس لديهم الإمكانيات. وكثير من الأحيان تغيب الأطفال عن المدرسة الموازية للسراحة. وفي موسم مثل موسم القمح بشهر مايو، يذهب الأطفال لا لكسب المال بل لجمع السنابل الواقعة في الأرض أثناء عملية الحصاد لتصبح خزين السنة لعائلاتهم.

“كنت بأروح ورا البهايم"
جملة جديدة على أذني وعقلي.
عمل جدير بالاحترام، لا أعرف كيفية مزاولته وهو ما يزيده احتراماً في نظري.
أكيد هو عمل يُعلم الكثير من الأشياء من اهتمام بآخر وصبر وأشياء أخرى لا تدركها قاهريتي المحدودة.
النقطة الأهم أن هؤلاء الأطفال لم يبقوا ورا البهايم ولكنهم ذهبوا إلى المدرسة لتعلم شئ جديد، قد يظلوا مع ذلك يذهبون للرعي أو السراحة، لكنهم تخطوا موقفهم الأول، معرفتهم الأولى، تخطوا الثبات وتحرروا...

ولنفكر نحن أيضاً مهما كنا نعمل من مهنة: “هل نتطور يوماً بعد يوم؟" سواء في عملنا أو في شخصياتنا وعلاقاتنا بالآخرين وبأنفسنا. لأن هناك وقت للذهاب ورا البهايم ووقت للسراحة، كما هناك وقت آخر للذهاب إلى المدرسة.
فلا تبقى حيث أنت
لأن هناك دائماً شئ جديد عليك أن تتعلمه
لأن هناك مكان أبعد، على قدميك أن تطئه
فلا تتوقف
بل ابدأ المسير
ولا تتوقف

ــــــــــــــــــــــــ
* المدرسة الموازية هي مدرسة لمن فاتهم قطار التعليم أو تسربوا منه و في سن ٩- ١٥ سنة وتراعي ظروف عمل الأطفال. وهي من أربع سنوات دراسية، يحصل من يجتاز امتحاناتهاعلى الشهادة الابتدائية ويستطيع من بعدها أن يستكمل تعليمه الإعدادي بمدرسة نظامية في حالة إن سمح سنه بذلك أو من منزله إن لم يسمح سنه.

الثلاثاء، 4 مارس 2008

لأنه الحياة

إذا كان لي أن آخذ قرار الالتزام بشخص في يومٍ من الأيام
فلن آخذه من محض الاضطرار
أو من باب الواجب

سأختار من يعطيني الحياة والفرح
.وسأتوقف لأرجو أن أكون له أيضاً مصدراً للحياة والفرح

وسأتساءل إلى أبعد الحدود
!كيف يمكن لإنسان أن يجرح شريكه بالكلام أو بالفعل وهو الذي يمثل له الحياة؟
أيقتل نفسه بيديه؟

وأتقدم إلى هيكل الحب
حاملة معي فقري وغناي
معترفة إنه قد تأتي أيام أجرح فيها حياتي وأقتل فيها الحب بغبائي

وأصلي طالبة الحكمة والقوة
لأنني لم أكن أريد أن يحدث ذلك
.لأنني أريد أن أغير في نفسي كل ما قد يجرح الحب والحياة

لأنه كيف لي أن أجرح بيدي
من هو لي الحياة؟

السبت، 9 فبراير 2008

*المرأة الزرقاء والرجل الأصفر

كانت تحب اللون الأزرق

وكان يحب اللون الأصفر،
كانت ترتدى ثياباً زرقاء
و كان هو يرتديها صفراء،
كانت تنظر إلى الدنيا فتجدها زرقاء
و كان هو ينظر إليها فيجدها صفراء،

كانت هي المرأة الزرقاء

و كان هو الرجل الأصفر
و في يوم وجدت المرأة الزرقاء الرجل الأصفر قد تغير...
لم يعد يحب الأصفر بل أصبح يحب الأزرق،
لم يعد يرتدى ثيابً صفراء بل أصبح يرتديها زرقاء،
لم يعد ينظر إلى الدنيا ويجدها صفراء بل أصبح يجدها زرقاء،
لم يعد بعد الرجل الأصفر فقد تحول إلى أزرق...
و قال لها معللاً هذا التغير المفاجئ :
"لقد غيرت لونى المفضل، غيرت لون ثيابي، غيرت نظرتي إلى الحياة وأصبحت أزرقاً مثلك...وكل ذلك لأني أحبك، فهل تقبلينني أزرقاً مثلك يا عزيزتي المرأة الزرقاء؟"
وكان هذا هو رد المرأة الزرقاء :
"عزيزي الرجل الأصفر (سابقا)،
لماذا تغيرت؟؟!
لقد كنت أقبلك وأنت أصفر،
و كنت أرى صفرتك وأنظر إلى زرقتي فأجدني سعيدة لشد ما يتماشيان معاً،
لقد كنت أحبك أصفراً كما أنت ولم أكن أريدك أن تتنازل عن لونك..عن ذاتك لأجلى.
عزيزي،
عد إلى لونك من جديد،
عد إلى أفكارك وأحلامك،
عد إلى نفسك...
وعندئذ ستجدني أشاركك في كل ما تحلم به وكل ما تتطلع إليه
و لكن دون أن أتخلى عن زرقتي،
عندئذ ستجد نفسك تشاركني فى أفكاري و نظرتي إلى الأشياء
و لكن دون أن تتخلى عن صفرتك.
عزيزي،
إذا قرر اللون الأصفر أن يتغير إلى أزرق عند خلطه باللون الأزرق، فلن يكون هناك لوناً أخضراً،
و إذا قررت أنت أن تصبح أنا فلن يكون هناك " أنت وأنا"
فأنت أصفر وأنا زرقاء وهذا لا يمنع أن يحب كل منا الآخر وهذا لا يمنع أيضاً أن يختلط الأصفر بالأزرق فتختلط أفكارهما وأحلامهما معاً لتكون أحلاماً وأفكاراًً خضراء..."
المرأة الزرقاء
و أخيراً فالنهاية هي النهاية السعيدة المعروفة لدى الجميع ...
الرجل الأصفر عاد أصفراً من جديد وتزوج من المرأة الزرقاء وعاشوا في سعادة خضراء وأنجبوا أولاداً خضرا وبناتاً خضروات.ً


* من كتابات أيام الجامعة

*أمام هذا الجسد... صلاة


أمام أحد صناديق الكهرباء بمنطقة وسط البلد، كان ذلك الجسد ممداً
كان يوجد أمامه مجموعة من المناديل الورقية
كانت بائعة المناديل الصغيرة نائمة
وكان الناس من حولها يمرون
منهم من هو مشغول في حديث مع أحد الأصدقاء
ومنهم من يفكر في مشتريات العيد والملابس الجديدة و...
كلهم يمرون، يفاجئون بوجودها، يتفادونها...
أصبحت ظاهرة عادية
طفل ينام في الشارع
أمام هذا الجسد أتوقف لأشاهد الموقف بأكمله
أتوقف بصمت أشبه بالصلاة
أتوقف في مهابة واحترام لهذا الإنسان
يحدثني صديقي عن أنانية الأهل بإنجابهم أطفالاً للتعذيب
يحلل هو الموقف لمعرفة أسباب الظاهرة
وأما أنا فأبحث عن حل ولا أجد...
وأتذكر شخصاً تحدث إلى هؤلاء الأطفال وأصبح صديقهم في يوم من الأيام
حضرت ذكراه السنوية الثانية صدفة إذ لم أكن أعرفه، فقط سمعت عنه
حضرت ذكراه مع أحد الأصدقاء في إطار تواجدي بالإسكندرية لحضور اجتماعات عمل
ورغم إني لا أعرفه
إلا إنني بكيت
بكيت على إنسان جعل من حياته تقدمة للآخر
وبكيت على أسوار سجني الذاتي...
فتحيةً لك يا رامي وكل احترام

وما أنشره الآن هو جزء مما كتب رامي الإسكندراني – هذا الإنسان الذي عرفته دون أن أراه - عن هؤلاء الأطفال، أطفال الشوارع، شوارع مصر، بلدنا:

"أتخيل أنه كان يبكي كلما رأى أب يحمل طفله فوق ذراعيه
أتخيل أنه كان يضحك كلما رأى أم تضرب ابنها.
هكذا عاش في غربة من نفسه... شريد قدر بلا قلب... وابن مجتمع لم يعترف بشرعيته... ألقاه بعيداً عنه كالخردة البالية... عاش أسير حريته... يدفع ثمنها من براءة طفولته...
...وفي يوم
يوم عاصف... متمرد...هائج... وقع تحت العجلات الثقيلة... تحت ثقل الفقر والجهل... داهمته عجلات ترام ثائر... عجلات ظلم ويأس... قسوة واستبداد... عجلات الغباء والاستهتار والكفر بالقيم والحياة.
رحل بلا أنين... لم يذرف الدموع... ولم تُذرف عليه الدموع... لم يعد بعد يتألم... لم يعد يبكي... لم يعد يتذكر أمه أو يتخيل أبيه!!
مات كما وُلد...
خلقه مجتمع فاسد... ليتنقل بين عربات الترام.
وقتله مجتمع فاسد... تحت عجلات الترام.
رامي 1996 من كراسة الشوارع


* من مدونتي القديمة

* The Deadline آخر موعد


"حددي دائماً آخر موعد لك" قالها لي صديقي
فسألته: "أتقصد بالنسبة للعمل س أم للعمل ص؟"
فأجاب: "Deadline لكل حاجة في حياتك"
في عملي كما في التزاماتي المرتبطة بالأنشطة التي أقوم بها،
كثيراً ما أؤخر تسليم الأعمال منتهية وكاملة
تواجهني عقبات أو صعوبات في إنجاز العمل
أنحني أمامها بدلاً من أن أواجها
أكتئب
أيأس
لا أطلب مساعدة أحد
أصمت
أغرق في دوامتي التي صنعتها
وما يضخم الأمر إني أسعى أيضاً إلى كمال تلك الأعمال
فيأتي صديقي ملهماً إياي كعادته – كأنه يعرف ما أحتاج أن أسمع- : "deadline لكل حاجة"
في عملي لا تخبرني مديرتي بموعد أخير لتسليم أحد التقارير
فقط تتذمر حين أتلكأ أكثر من اللازم
في التزاماتي بأحد الأنشطة، لم يلح أحد- كعادتهم - في طلب ما كان يجب علي عمله
فنجد أنفسنا فجأة أمام كارثة
لمجرد إني تعودت أن يدفعني أحد من الخلف دائماً:
"أين العمل س؟ وأين ص؟"
لم أتعود أن أسعى إلى إنجاز الأعمال بعيداً عن ميعاد تسليمها
تعودت أن أسأل دائماً نفس السؤال: ما هو آخر ميعاد للتسليم؟
لم أتعود أن أضع لنفسي هذا الموعد
"deadline لكل حاجة في الحياة"
جملة تطرح معها العديد من التساؤلات الزمنية:
متى أتعلم ركوب الدراجة؟
متى أجلس على اللسان الخشبي لأحد الشواطئ لأصطاد الأسماك في هدوء؟
متى أصبح كاتبة؟
متى أترك عملي الحالي؟
متى أتحرر لأصبح كالعصفور المحلق في السماء؟
متى أكون؟
متى أقرر الالتزام بشخص؟
متى أغير أسلوب الحياة التي أحيا فأحيا حياتي التي أريد؟
متى يتغير حال العالم؟
متى أصبح أقل سلبية في عالمي الخاص؟
وأنت، أيها المسكين الذي تقرأ تفاهاتي
متى تحقق ذاتك؟
متى تسعى وراء أحلامك المؤجلة مثلها مثل مسئولياتك؟
أم إنك أفضل مني حالاً تعودت أن تحارب
لتنجز الأعمال وتحقق الآمال؟
"Deadline لكل حاجة"
لنتذكر هذا
ونتعلم أن لكل شئ
لكل عمل ولكل حلم
وقت يجب أن يتمم فيه
لا تناموا مثلي على الأشياء
بل انهضوا اليوم
اشمروا عن ساعديكم
وهيا إلى العمل
ومطاردة الأحلام...


*من مدونتي القديمة

*اخرج

أستيقط من النوم بصعوبة في السادسة مساءاً، أكلت على الغذاء فرخة محشية بالأرز والكبد (كانت فرخة صغيرة)، – يبدو أن "فرخة" ليست كلمة عربية صحيحة، تضايق الوورد ويعلم عليها بالأحمر- الأكل مازال يكبس على أنفاسي، أشعر برغبتي في شرب أحد المشروبات الغازية.
أنزل لأعطي أحد الأصدقاء كراسته التي استعرتها منذ عدة أشهر
أصعد إلى الشقة من جديد
أقرر أن أنزل لأبحث عن مشروب غازي يعالج كبس الأكل
"سفن أب آيس*1 أو باتمان*2": تلك كانت بُغيتي
المحل تحت العمارة ليس عنده سوى البيبسي وأنواع أخرى لا أريدها
لا أتنازل عن اختياري
أخرج إلى الشارع الرئيسي علني أجد
أخرج باحثةً عن المشروب، أجد في المشي والهواء ضالتي، وفرصة للخروج، ليس من البيت...
أتنفس الهواء وأشعر بالانطلاق
أسأل في أكثر من محل
"لا يوجد، ليس هناك طلب عليها"
أعرف أن محل الفكهاني لديه باتمان على الأقل
أرفض أن أشتري منه
أتذكر حادثة...
ذهبت في يوم لحضور حدث ثقافي بالساقية (كنت مجبرة في إطار العمل)
أردت أن أفك لأركب تاكسي للزمالك
رأيت يومها أن أشتري "كان" لأشربه
مررت على ذلك المحل، كان هناك أحدهم يحمل طفلاً أظنه في حوالي الثامنة من عمره
أما الآخر فكان يمسك عصا غليظة ويضربه بها على مؤخرته...
صدمت ولم أرد أن أشتري منه...
ولازلت لا أريد...
أكتب تلك الكلمات وأتساءل: ألم يكن بوسعي أن أفعل أفضل من ذلك؟ أن أوقف هذا العنف؟ أما كنت سلبية كعادتي؟
أعود إلى المنزل بدون مشروبي
لا أكترث كثيراً لذلك
يكفيني إني خرجت بعض الدقائق وتمشيت...
وفي رأسي كلمات قرأتها قبل نزولي:
" اخرج
لماذا تبقى سجين ذاتك
أنا لم أقفل بابك عليك
أنا لا أقدر أن أفتحه
لأنك أنت من الداخل أحكمت قفله
اخرج"
(نجني من ذاتي – كتاب الأيادي الضارعة، ميشال كواست، ص193)
1* سفن آب بالنعناع
2* مشروب غازي بطعم التوت
* من مدونتي القديمة

...*رأسُ صدئ


هي رأسي التي أصابها الصدأ
مثل صفيحة القمامة الحديدية
لا ليس لرأسي ذنب
فكرة المجلة تبعث الحياة بداخل رأسي
أجد الأفكار تتلاحق في سلاسة وأنا في طريقي لركوب المترو
داخل عربة النساء، أرفض أن أخرج الكتاب من حقيبة يدي لأقرأ
تأخذني الأفكار وأستكملها في متعة
قريباً أصل للمحطة ثم أقابل الأصدقاء
وسيكون علي أن أُسكت أفكاري
لأستقبل كلامهم
لأبادلهم الحديث
تمنيت من زمن لو أن هناك اختراع
يثبت على الرأس
يقرأ الأفكار
وينقلها على الورق
تمنيت لو لم تضع أفكاري اليوم
وأفكاري بالأمس وأفكار الغد
كلها تذهب كعادتها بلا رجعة
تمنيت لو كتبتها كما فكرت بها
وبنفس الكلمات
أمسك الورقة والقلم
أجلس أمام الحاسب
أحياناً يحالفني الحظ وتؤازرني جنية الإلهام
وأحياناً أجلس أمام ورقة ملؤها الشخبطة
أحياناً يتدفق مني سيلاً من الإحساس
وأحياناً يجف نهري
أمام الورقة والقلم
أمام الحاسب الآلي
قد أشعر بواجب الكتابة
دون أن أشعر بما أكتب
وأما في داخل رأسي...
فحرية!
*من مدونتي القديمة