الأحد، 6 فبراير 2011

ما معنى موتهم إذا لم نكمل ما بدأوه؟

يوم الأربعاء الماضي مات لنا شباب زي الورد على أيدي بلطجية مأجورة من نظام فاسد وعناصر أمن، ماتوا ضحايا الضرب بالعصي أو الحجارة أو السنج، ماتوا على أيدي مصريين خونة تم شرائهم بفلوس ملوثة لنظام قذر...
وفجر الخميس، مات آخرين على أيدي قناصة صوبوا نحوهم أسلحتهم النارية من أعلى كوبري أكتوبر، فأصابوهم مثلما يوقع الصياد بفريسته على حين غرة ودون مقاومة...
ووقف الجيش في كل ذلك موقف المشاهد...
لم يحاول ضبط الجاني أو الفصل بينه وبين المعتدى عليه...
وأظهر بذلك تواطئه وحمايته لنظام دموي يحمي نفسه بقتل أبرياء عزل...
يمر جمعة الرحيل في سلام بلا خسائر في الأرواح وبلا تصريحات رئاسية بالتنحي...
تتوالى التعليقات والدعوات المختلفة...
منها من يدعو لإخلاء الميدان...
ومنها من يتهم المتظاهرين بالفضاء...
ومنها من يدعو أن تهطل أمطار رعدية لتفرق المتظاهرين فيخلو الميدان...
ومنها من يتعهد أن يصبح شخصاً أكثر إيجابية وكأننا كنا جميعنا سلبيين قبل 25 يناير...
ومنها من يدعو إلى إعادة بناء البلد وكأنها دٌمرت تماماً...
هذا بخلاف كل الاتهامات المستمرة الموجهة للمتظاهرين بشل حركة البلد والتسبب في الانفلات الأمني...
الحياة تبدأ للعودة إلى ما كانت عليه...
تم خفض ساعات حظر التجول ليبدأ من السابعة مساءاً إلى السادسة صباحاً...
البنوك تفتح أبوابها لساعات محدودة وقطاع الأعمال يستكمل نشاطه..
البلد بحاجة للتنفس من جديد...
المتظاهرون قابعون بالتحرير...
وصلوا لحالة من الانسجام العائلي الجميل...
تتخلل جلساتهم الصلوات والأغاني والشعر والنكت السياسية...
يذكرونني بالخيم الثقافية في معرض الكتاب الذي تم تأجيله لأجل غير مسمى...
الجيش يحاول تقليص مكان تواجد المتظاهرين ويبدأ بالقبض والضرب...
المعارضة تبدأ الحوار مع الحكومة في دوامة وتطويل قد لا ينتهيا حتى موعد الانتخابات...
وهدوء رهيب وغياب لأي أحداث جديدة...
مياه راكدة لا تجد من يحركها...
يوم الأربعاء الماضي، كان لموت هؤلاء معني...
ماتوا مطالبين بإسقاط نظام فاسد بكل ما يمثله من ظلم وتعذيب وغياب للعدالة الاجتماعية وانتهاك للديمقراطية الحقيقية...
هدف نبيل ليموت الفرد لأجله...
أحاول أن أضع نفسي مكانهم...
"مت من أجل ما أؤمن به، من أجل مصر أجمل أحلم بها وأريد أن أشارك في تحققها.
حاولت في حياتي أن أحقق حلمي لها، لكن النظام العام في البلد لم يسمح لي أن أحدث التغيير الكبير...
فخرجت أنادي مع آخرين، أطارد حلمي لمصري...
حلمت أن إزاحة النظام الكبير سيحدث ثورة في الأنظمة الأصغر، وبالتدريج تعم الثورة على كل موروثات النظام القديم وفساده وتبدأ مصر جديدة تنبت من أرض بكر طاهرة.
حلمت أن بإزاحة النظام الفاسد وكل وجوهه البالية العتيقة، سيستعيد المصريين قدرتهم على الحلم فتدب فيهم الحياة من جديد، وتعود لهم القدرة على العمل والإنجاز بحب عميق لوطن طال الاشتياق إليه...
حلمت أن بإسقاط النظام الظالم، سيستعيد كل مواطن إحساسه بكيانه وكرامته، فيشعر أنه يعمل ويزرع ويبني في بيته لا بيت من سلب البيت ونَصَب نفسه صاحباً له...
حلمت أن يسقط صنم النظام ليصبح النظام خادماً للشعب والشعب محاسباً للنظام وكلاهما يعملان من أجل الوطن...
تمسكت بحلمي حتى جاءت النهاية الفظيعة والخيانة البشعة...
أعطيت في هذا اليوم لموتي معنى عظيم وشكرت الله على حياتي وكفاحي من أجل حياة أفضل...
ولكني الآن وأنا أرقب الموقف العام،
ينتابني خوفُ من أن تسكت الثورة...
من أن تموت دون أن تحقق ما ولدت لأجله..
كان لموتي معنى يوم أن مت في ميدان الشرف والنزاهة
وأجدني أخشى أن يفقد موتي معناه إذا ما ماتت الثورة...
إذا ما مل الشباب وطمعت المعارضة وتلاعب النظام...
إذا ما لعب الساسة لعبة التهدئة والتنويم المغناطيسي...
مت لأجل مصر أجمل لا ترى النور من دون إسقاط النظام القبيح...
فإذا ما لم يسقط النظام وإذا ما لم تصبح مصر أجمل، فلماذا مت إذاً؟
لماذا فضلت مصر على حياتي الخاصة، على عائلتي وأصدقائي، على أحلامي المهنية والإنسانية؟"
اجعلوا لموتهم معنى أبدي
لا تسمحوا أن تنطفئ شعلة الثورة
لا تسمحوا أن تُسكَت أصواتكم
أبدعوا أساليب جديدة
قاوموا حتى النصر
كافحوا حتى الحرية
حتى لا يفقد موتهم معناه...
أعتذر لكل من سيضايقه المقال، لم أعني ذلك ولكني رأيت أن أرواح الشهداء بحاجة لمن يعبر عنها ويتحدث باسمها.
ولكم دائماً حق الاختلاف.