الأحد، 7 أغسطس 2011

عن التوافق المجتمعي

تم الحشد لجمعة "الوفاق" والموافقة ليوم 29 يوليو على أن يتم توحيد مطالب الثورة التي لم تلبى بعد. ثم فوجئنا في هذه الجمعة بأفواج منظمة من السلفيين يهتفون: "إسلامية، إسلامية" تم حشدها من شتى أنحاء البلاد وشحنها في أتوبيسات للتحرير. فجاء اليوم الذي كان ينبغي أن يكون احتفالاً بالثورة وبالمصريين جميعاً وتأكيداً على مطالب الثورة الشعبية، جاء أشبه بمعركة "من يستولى على أكبر قطعة من التورتة"!
وبما أن الأمر كذلك، فلم لم تعلنوا ذلك على الملء لتستعد بقية التيارات المصرية؟ فكان ممكناً لمسيحيي مصر أن يشاركوا أيضاً هاتفين: "مسيحية، مسيحية" – في وحدة غير مسبوقة بين جميع الطوائف حتى ولو وقتية، وكان يمكن أن ينزل الليبراليين واليساريين والإخوان، كل ينادي بأيديولوجيته لتسود الساحة. ما هي أصبحت جمعة الفُرقة! عودة لاستخدام أسلوب الفزاعة من جديد، شأننا شأن النظام القديم الذي لم يسقط بعد. من يحرك الفزاعة؟ أمن الدولة المزعوم منحلاً؟ أم من؟ وبأمر ممن؟ أم إنهم هبطوا من أنفسهم لإثبات وجودهم؟ وهل يدركون لماذا أقدموا على الذهاب بهذا الشكل في ذلك اليوم؟
أتذكر أسطورة قديمة قرأتها منذ زمن... تحكي الأسطورة أن شخصاً مات واصطحبه الملاك في جولة حرة لكل من الجنة والنار، فذهب به أولاً إلى النار وإذ به يجد مأدبة كبيرة بها أشهى مأكولات الأرض والسماء وحول المنضدة جلس عدد كبير من الأشخاص يحاولون الأكل، كانت أمامهم ملاعق كبيرة وطويلة جداً بحيث عجزوا عن تناول الطعام بها وفشلت كل محاولاتهم للأكل والحياة وأخذوا يموتون في كل لحظة. ثم اصطحبه الملاك إلى الجنة، فوجد نفس الأمر، مأدبة بها أشهى المأكولات وأشخاصاً ملتفون حولها وملاعق طويلة جداً. الفارق الوحيد إنهم وجدوا المخرج ليأكل الجميع ويحيا... كان المخرج الذي وجدوه أن أخذ كل شخص يطعم شخصاً آخر بالملعقة الطويلة وبذلك لم يمت أحداً بل عاش الجميع في سعادة وسلام، واستطاع كل شخص من خلال إنقاذ حياة الآخر أن ينقذ حياته هو.
ماذا تعلمنا الأسطورة جنباً إلى جنب مع جمعة الوفاق التي فشلت في تحقيق التوافق المجتمعي؟ وما هو هذا التوافق؟ وكيف يكون؟
أيكون في حرية الأفراد في أن يستخدموا التحية التي تناسبهم وحسب رغبتهم سواء السلام عليكم أو صباح الخير وأن يأتي الرد متوافقاُ مع التحية بصباح النور أو عليكم السلام؟
أيكون في حرية المرأة في ارتداء ما يحلو لها في إطار يحترم المجتمع وأن يأتي رد فعل المجتمع محترماً لها دون إصدار أحكام أو اتهامات ودون معاكسات وتحرش؟
أيكون في أن يشرح المدرسين جيداً في الفصول ويمتنعون عن الدروس الخصوصية ومقابل ذلك يحصلون على مرتب يوفر لهم معيشة كريمة؟
أيكون بأن يٌسمح بالركنة صف ثاني في بعض الحالات على أن يترك السائق العربة "ممورة" بحيث لا يشل حركة الصف الأول؟
أيكون بأن يلتزم المواطن بعدم إلقاء القمامة في الشارع في مقابل توفير الدولة لحاويات وسلال مهملات يتم المرور بشكل دوري لإفراغها؟
أيكون في أن يلتزم المواطن بعدم التبول في الشارع في مقابل توفير الدولة لمراحيض عامة يتم صيانتها والوقوف على نظافتها طوال الوقت؟
أيكون في أن يتعامل المواطن مع أخيه المواطن دون تفضيل للتعامل ممن نفس الدين؟ أن تُلغى كلمات مثل "إحنا تبع بعض" أو "إحنا قرايب" أو "ولاد معمودية واحدة"؟ ليحل محلها – فعلياً وليس مجرد كلمات جميلة مزخرفة- جملة "إحنا مصريين".
كلها توافقات تحرر المصريين ولا تخنقهم وتضمن حق هذا وذاك، لا حق هذا على ذاك،تضمن أن يأكل الجميع ويحيوا في سلام. ورجوعاً للسلفيين والتورتة، أتساءل لم العودة إلى الرغبة في الاستحواذ؟ ألم يكفنا تجربتنا الأليمة مع الحزب الوطني؟
الأمر كله يستدعي ألا نقصر النظر على حقوقنا وحرياتنا، بل أن ننظر أيضاً باتجاه حقوق وحريات الآخر لبناء مجتمع يبحث عن فرح وسلام جميع أفراده على اختلاف انتماءاتهم وتياراتهم ومعتقداتهم. المسلمون ينظروا باتجاه حقوق المسيحيين والعكس، رجال الأعمال ينظروا لمصلحة العاملين والعكس، الرجل ينظر لحقوق المرأة والعكس، المدرسيين، سائقي السيارات والمترجلين، ... أن تحقق الدولة واجبها تجاه المواطن ويحقق المواطن واجبه تجاه الوطن وإخوته فيه.
وللوصول لهذا التوافق المنشود، ينبغي العمل على تنمية العديد من القيم المفتقدة مثل حرية الرأي والتعبير، وحرية العقيدة، والمسئولية الشخصية والجماعية وإعلاء قيمة التعلم والمعرفة على قيمة الشهادة التعليمية، وقيم أخرى كثيرة لبناء مصرنا...
ولنتذكر أن الثورة عندما قامت، هتفت: "الشعب يريد إسقاط النظام"، فلم تهتف باسم سلفيين أو إخوان أو مسيحيين ولا ليبراليين أو يساريين أو غيرها من التيارات الفكرية. وهذا الشعب الرائع الذي أسقط جزءاً من النظام ومازال يعمل على إسقاط ما تبقى، هذا الشعب نفسه يريد ويرجو أن يبني في يوماً ما نظاماً جديداً يتسع لكل المصريين.

السبت، 9 يوليو 2011

مبادرة بير السلم

من بعد الثورة ولنقل من بعد التنحي[1]، أصابني مثلما أصاب الكثيرين طاقة من الأمل والشعور بملكية المكان الذي ينبع منه الشعور بالمسؤولية والقدرة على العطاء. أتذكر يوم السبت 12 فبراير عندما ركبنا تاكسي أبيض للذهاب للتحرير، كان يضع علم صغير في مقدمة سيارته وكأنها سيارة لسفير، كنت أنظر لطريق طالما ألفته بأعين جديدة. قبل أن ننزل كنت أتحدث لصديقة مصرية بالخارج على سكايب سألتني أين أنا فأجبتها في مصر الجديدة فظنت إني بمنطقة مصر الجديدة بينما كنت في الظاهر، كانت مصر جديدة في عيني في ذلك اليوم بكل محافظاتها وناسها، كنت أشعر أن مصر أصبحت بلدنا، بيتنا، رجعت لنا...
بداخلي شعور شخصي أن الثورة يجب عليها أن تكسر حواجز الطبقات والفروق الاجتماعية، أن نرى كل الفئات تتحدث مع بعضها: الفقير والغني، المسلم والمسيحي والبهائي والمٌلحد، الرجل والمرأة، الجيران... نجح النظام السابق في خلق متضادات كثيرة وأقنعنا أن تلك "المتضادات" يستحيل أن تلتقي بل هي خطر على كل طرف: الغني يخشى من حسد الفقير والفقير يحقد على الغني، كل دين ينغلق على ذاته ويأخذ في نقد الآخر وأحياناُ الإساءة إليه والتحذير من التعامل معه، الاقتصاد المتدهور قام بتأخير سن الزواج فازداد الكبت الجنسي والإحباط وأصبح الشارع المصري مسرحاً للتحرش يشوه وجه العلاقات بين المرأة والرجل في المجتمع، ومع ازدياد المشاكل والقرف اليومي في الأعمال والمواصلات والزحمة أصبح بالنا قصير وعالمنا ضيق فاختفت مودة الجيران ومروءة الشباب والإحساس بالمسؤولية تجاه الوطن والمواطن وانتشر سلوك "يللا نفسي".
بعد التنحي، لم أعد أستطيع أن أقبل أو أتسامح مع واقع ما قبل الثورة، مع مشكلات كنت أسمعها فتملأني بالهم والشجن على وطن أريده أجمل. بعد الثورة بدأ المجتمع المدني في التحرك بشكل أكبر، وإني واثقة أن نسب التطوع والمشاركة بين الشباب قد ازدادت وستزداد في السنوات القادمة.
ومن أكثر المشاكل المؤرقة مشكلة التعليم، واقع مرير: أطفال ينجحون بالفلوس أو مساعدة أحد المدرسين داخل لجنة الامتحان وآباء يرضخون لهذا الابتزاز وكأن الشهادة أهم من التعليم في حد ذاته، ومدرسين رواتبهم ضئيلة يلجئون للدروس الخصوصية أو بيع ضمائرهم لإنجاح أطفال أميين. وفوق كل هؤلاء نظام تعليمي سمح بذلك ويجب أن يسقط مع الرئيس الذي ظل متفرجاً طوال ثلاثون عاماً على سقوط أهم عامل لقيام دولة. أخطر شيء في هذا الأمر أن النسب المعلنة للأمية وللالتحاق بالمرحلة الابتدائية لا تعبر عن الواقع، لأنها تقرأه بشكل كمي وتُهمل الجانب الكيفي. فالواقع يقول أن هناك خريجي دبلومات أميين لا يجيدون القراءة أو الكتابة. الكارثة الأكبر، إن الأمي الذي لم يحصل على شهادة في حياته يمكنه أن يلتحق بفصول محو الأمية، لكن إذا أمي بشهادة دبلوم، ماذا يفعل؟ وأي مكان يستوعبه؟ وما بالك بشعوره بالإحراج!
هناك فئة أخرى يجب النظر إليها والاهتمام بها وهي فئة الأطفال المتسربين بالفعل من التعليم أو من وصل منهم لمرحلة معينة في التعليم ولا يجيد القراءة والكتابة، هؤلاء تستهدفهم مبادرة بير السلم المتواضعة والتي يمكن أن تنتشر لتحدث فرقاُ.
مباردة بير السلم تقوم على تعليم خمس أطفال - في الوقت الحالي- تركوا المدرسة أو مازالوا بها ولا يعرفوا أن يقرأوا أو يكتبوا، منهم من عمل بعد تركه المدرسة ومن يعمل في الصيف ولديه مٌلحق. تلتقي المجموعة ثلاثة مرات خلال الأسبوع لمدة ساعة قبل ذهابهم للعمل في الصباح ويوم الأحد يوم أجازة الأطفال لمدة ثلاثة ساعات.
مكان اللقاء بمدخل العمارة...
اللقاء يتضمن تعلم القراءة والحساب وأنشطة مع وجبة بسيطة إن أمكن...
الأطفال والمنشطين يقطنون في نفس المنطقة بما يسهل على الجميع التواجد والالتزام.
المنهج تفاعلي قائم على الديمقراطية والمشاركة.
المباردة تسعى لتمكين أطفالها من الحصول على الشهادة الابتدائية باستحقاق
المبادرة عمرها أسبوعين وهناك فكرة لنشرها بشكل أكبر...
مزيد من الأخبار مع يوميات مبادرة ستنشر إن شاء الله في الفترة القادمة...
لأن الثورة مستمرة


[1] ما ينفعش أقول بعد الثورة علشان الثورة مستمرة.

السبت، 19 مارس 2011

الاستفتاء يعكس وجه مصر "الجديدة"- أو عودة الروح*

هذه التدوينة تختلف كثيراً عن ما كتبته من خبرة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وأكثر ما يختلف أمرين، الأول إن خبرتي ناس كثير عاشوها وفي الغالب مش هأقول حاجة جديدة على عكس انتخابات برلمان نوفمبر 2010 اللي ناس قليلة شاركت فيها ومشاركتي كانت تضيف معلومة للبعض، الأمر الثاني هو الإحساس العام بعد المشاركة في الانتخابات قي نوفمبر 2010 والاستفتاء في مارس 2011 واللي بالتالي بأنقله - شئت أم أبيت- فيما أكتبه...

لم أكن أريد أن أدخل في مقارنة الانتخابات والاستفتاء لكن شيئاً ما يدفعني لذلك، ولن أدعي أن مصر بعد الثورة بقى لونها بامبي - في نفس لون حبر الاستفتاء - ولكن ما يلي يدخل في حيز الانطباعات الشخصية إزاء التجربتين:

قبل الانتخابات والاستفتاء: اتخاذ القرار

مرحلة تتراوح مدتها من أسبوع لأسبوعين وهي مرحلة بحث عن معلومات وتفكير.

- في انتخابات البرلمان لم أبحث عن معلومات وكنت أجد أن الفترة مابين إعلان أسماء المرشحين والانتخابات قصيرة مع إحساسي بنقص المعلومات وشكي في نزاهة الانتخابات. وبالتالي جاء قراري بإبطال صوتي.

- فيما يخص الاستفتاء بحثت عن معلومات ومقالات وآراء من هنا وهناك، أحياناً فهمت وأحياناً أخرى لم أفهم شيئاً. أدركت في نهاية الأمر أن كل من ال نعم و ال لا قد يوصلوننا إلى نفس الطريق بخطوات مختلفة وأن الأمر في النهاية في يد من بيده الأمر في الوقت الحالي. أدركت أيضاً أن كل معلومة لها معلومة أخرى تناقضها، يعني مثلاً: معلومة إن ال نعم ستقصر الفترة الانتقالية أمامها معلومة ال لا ستقصر المرحلة الانتقالية. وأمام كل هذا أدركت أن كل هذه الآراء المتحدثة عن توابع الاختيار هي مجرد اجتهادات شخصية ومن سيحدد توابع النتيجة النهائية من خطوات عملية تحدد مستقبلنا هو الجيش في المقام الأول ومن بعده بقية العناصر الفاعلة من معارضة وشعب ومجتمع دولي و"فلول نظام"و...
كنت بحاجة لتصريح من الجيش أو من جهة مسئولة واحدة (مصدر واحد معتمد) يوضح ما يتبع ال نعم وما يتبع ال لا من نتائج وخطوات. ولكن كالعادة وللأسف، الرد الذي يمكن أن أقابل به حيال طلبي: هي دي السياسة، والسياسة فيها لعب، وكل واحد بيدور على مصلحته. وبعقلي الطفولي أرفض الإهانة الدائمة للسياسة وأطالب بسياسة تأخذ برأي الأطفال وتكون أكثر شفافية، سياسة تبحث عن الصالح العام لا الخاص... المهم أخذت قرار نهائي وربنا يستر في كل الأحوال...

الجو العام للعملية "الديموقراطية"

- في انتخابات البرلمان ذهبت بمفردي أجرجر أرجلي واتبهدلت وأنا بأدور على مكان لجنتي وعانيت من نقص معلومات القائمين على العملية الانتخابية سواء شرطة أو مدنيين.
المشاركون من العائلة: والدي شارك فيها، أختي كانت ناوية ثم عدلت عن رأيها، والدتي لم تشارك. يعني المشاركة 50% في منزلنا الموقر.
المشاركون بشكل عام: كنت بأعرف من شارك بالصدفة وكثير قاطعوها عشان ما فيش فائدة وعشان أكيد كان هيحصل تزوير (اللي فعلاً حصل).

- الاستفتاء أمر مختلف، استفتاء عائلي، نذهب نحن الأربعة إلى أقرب مدرسة بها لجنة على بعد دقيقتان- بمعدل مشاركة 100% من العائلة- وحتى أستاذ لاكي -كلبنا العزيز- شبط فينا وقال أبداً ما تنزلوا من غيري. مش فاهمة هو كان عاوز يستفتي هو كمان ولا إيه!
صديقات والدتي سيدات البيوت يشاركن، ابن البواب شارك، أهل أصدقائي شاركوا، والأصدقاء من الشباب الذين لم يشاركوا من قبل يشاركون ويصوروا أصبعهم الملون بالحبر البامبي لوضعه على الفيس بوك...

الجو العام مريح واجتماعي وعائلي: الشرطة خارج أبواب المدرسة والجيش داخل الأبواب، لا يمانعون من إدخالنا مع لاكي العزيز بحوش المدرسة... أكيد الصورة الذهنية عندي للشرطة وكمان للجيش مش قد كدة، لكن معاملة من قابلناهم كانت جيدة بغض النظر عن ما يحمله المرء من مشاعر سلبية حيال أحداث معينة تسببوا بها...
المشاركون بالاستفتاء يعكسون كل فئات الشعب: طابور للرجال وآخر للنساء، جميع الأعمار، محجبات ومنقبات وغير محجبات، ناس كتير رايحين عائلة، ناس واخذة عيالهم معاهم ... الجو العام يعكس روحاً إيجابية وتناغماً وألفة بين الجميع: حوارات، ناس بتسلم على بعض من الحتة (وإحنا كمان سلمنا على ناس)، الناس مش متضايقة من الطابور وصابرة على عكس المعتاد من قلة الصبر والعصبية.. كان جو عائلي- عائلة مصر :) .. أشعر أن الجميع أصبح يدرك قيمة صوته في تحديد مستقبله هو وأوبنائه.. أشعر إننا أصبحنا أكثر فخراً بأنفسنا كمصريين وببلدنا...

في الطابور اكتشفنا إنهم بيأخذوا عدد رجال أكثر، في الأول حسيت إنه تفضيل آخر يعكس تفضيل الرجال على النساء مثله مثل قوانين كثيرة.. ولكن الحقيقة إن طابور الرجال كان أطول بكثير وأن الحل الذي اتبعه القائمون على اللجنة قلل وقت الانتظار على الجميع رجالاً ونساءاً. قبل الدخول تحدثت مع شخص عند الباب - كان يسمح بمرور الناس داخل اللجنة وأعتقد إنه القاضي- عن حجم الورقة، أصلها كبيرة قوي، كتبوا فيها نص التعديلات، كان رأيي إن حرام كل ده حجم الورقة عشان نقول نعم أو لا، مصاريف على البلد، وكان رأيه هو كمان كدة وإن الناس أكيد جاية قارئة التعديلات وعارفة هتختار إيه، فمالوش لازمة يعني كل دي ورقة! اناس بتفكر والله وبتنقد :)

الإجراءات إلى حد كبير منظمة: لجنة واحدة (فصل واحد) تستقبل صفي الرجال والنساء، عند الدخول هناك أكثر من مكتب يجلس بكل مكتب شخصين أو ثلاثة، يوجهوا الشعب للمكتب حسب المنطقة المدونة بالبطاقة (من المنطقة أو لا في الغالب)، عند المكتب الذي يتم توجهيك إليه يتم أخذ البطاقة لتدوين بياناتها في دفتر، تأخذ الورقة الكبيرة للاستفتاء وتختار ثم تضعها في الصندوق ثم توقع في الدفتر بجوار اسمك وتدلدل صبعك جوة قارورة الحبر وتأخذ البطاقة وتتوكل على الله...

خوفي الوحيد بعد خروجي هو إمكانية استخدام الشخص لصوته أكثر من مرة خاصة بعد أن وجدت أن أحد الأصدقاء اختفى الحبر من أصبعه بفعل الحموم وإن أمي اختفى بفعل الطبيخ... ولا أعرف إذا كانت أسماء المشاركين وأرقام بطايقهم ستدون الكترونياً بشكل يكشف اعدد مرات المشاركة أم لا... إما إمكانية حدوث تزوير أصلاً من عدمه فهذا أمر آخر...

نعود ونتحدث مع البواب وزوجته ونشجعهما على الذهاب، ونتناقش قليلاً حول الموضوع...
ما يهمني من كل هذا أنه يبدو لي أن الشعب المصري قد عادت إليه الروح من جديد ودبت فيه الحياة ويارب ما يتنازل عن حياته مرة تانية...

رابط تدوينة انتخابات البرلمان 2010



* رواية للكاتب الكبير توفيق الحكيم


الأحد، 6 فبراير 2011

ما معنى موتهم إذا لم نكمل ما بدأوه؟

يوم الأربعاء الماضي مات لنا شباب زي الورد على أيدي بلطجية مأجورة من نظام فاسد وعناصر أمن، ماتوا ضحايا الضرب بالعصي أو الحجارة أو السنج، ماتوا على أيدي مصريين خونة تم شرائهم بفلوس ملوثة لنظام قذر...
وفجر الخميس، مات آخرين على أيدي قناصة صوبوا نحوهم أسلحتهم النارية من أعلى كوبري أكتوبر، فأصابوهم مثلما يوقع الصياد بفريسته على حين غرة ودون مقاومة...
ووقف الجيش في كل ذلك موقف المشاهد...
لم يحاول ضبط الجاني أو الفصل بينه وبين المعتدى عليه...
وأظهر بذلك تواطئه وحمايته لنظام دموي يحمي نفسه بقتل أبرياء عزل...
يمر جمعة الرحيل في سلام بلا خسائر في الأرواح وبلا تصريحات رئاسية بالتنحي...
تتوالى التعليقات والدعوات المختلفة...
منها من يدعو لإخلاء الميدان...
ومنها من يتهم المتظاهرين بالفضاء...
ومنها من يدعو أن تهطل أمطار رعدية لتفرق المتظاهرين فيخلو الميدان...
ومنها من يتعهد أن يصبح شخصاً أكثر إيجابية وكأننا كنا جميعنا سلبيين قبل 25 يناير...
ومنها من يدعو إلى إعادة بناء البلد وكأنها دٌمرت تماماً...
هذا بخلاف كل الاتهامات المستمرة الموجهة للمتظاهرين بشل حركة البلد والتسبب في الانفلات الأمني...
الحياة تبدأ للعودة إلى ما كانت عليه...
تم خفض ساعات حظر التجول ليبدأ من السابعة مساءاً إلى السادسة صباحاً...
البنوك تفتح أبوابها لساعات محدودة وقطاع الأعمال يستكمل نشاطه..
البلد بحاجة للتنفس من جديد...
المتظاهرون قابعون بالتحرير...
وصلوا لحالة من الانسجام العائلي الجميل...
تتخلل جلساتهم الصلوات والأغاني والشعر والنكت السياسية...
يذكرونني بالخيم الثقافية في معرض الكتاب الذي تم تأجيله لأجل غير مسمى...
الجيش يحاول تقليص مكان تواجد المتظاهرين ويبدأ بالقبض والضرب...
المعارضة تبدأ الحوار مع الحكومة في دوامة وتطويل قد لا ينتهيا حتى موعد الانتخابات...
وهدوء رهيب وغياب لأي أحداث جديدة...
مياه راكدة لا تجد من يحركها...
يوم الأربعاء الماضي، كان لموت هؤلاء معني...
ماتوا مطالبين بإسقاط نظام فاسد بكل ما يمثله من ظلم وتعذيب وغياب للعدالة الاجتماعية وانتهاك للديمقراطية الحقيقية...
هدف نبيل ليموت الفرد لأجله...
أحاول أن أضع نفسي مكانهم...
"مت من أجل ما أؤمن به، من أجل مصر أجمل أحلم بها وأريد أن أشارك في تحققها.
حاولت في حياتي أن أحقق حلمي لها، لكن النظام العام في البلد لم يسمح لي أن أحدث التغيير الكبير...
فخرجت أنادي مع آخرين، أطارد حلمي لمصري...
حلمت أن إزاحة النظام الكبير سيحدث ثورة في الأنظمة الأصغر، وبالتدريج تعم الثورة على كل موروثات النظام القديم وفساده وتبدأ مصر جديدة تنبت من أرض بكر طاهرة.
حلمت أن بإزاحة النظام الفاسد وكل وجوهه البالية العتيقة، سيستعيد المصريين قدرتهم على الحلم فتدب فيهم الحياة من جديد، وتعود لهم القدرة على العمل والإنجاز بحب عميق لوطن طال الاشتياق إليه...
حلمت أن بإسقاط النظام الظالم، سيستعيد كل مواطن إحساسه بكيانه وكرامته، فيشعر أنه يعمل ويزرع ويبني في بيته لا بيت من سلب البيت ونَصَب نفسه صاحباً له...
حلمت أن يسقط صنم النظام ليصبح النظام خادماً للشعب والشعب محاسباً للنظام وكلاهما يعملان من أجل الوطن...
تمسكت بحلمي حتى جاءت النهاية الفظيعة والخيانة البشعة...
أعطيت في هذا اليوم لموتي معنى عظيم وشكرت الله على حياتي وكفاحي من أجل حياة أفضل...
ولكني الآن وأنا أرقب الموقف العام،
ينتابني خوفُ من أن تسكت الثورة...
من أن تموت دون أن تحقق ما ولدت لأجله..
كان لموتي معنى يوم أن مت في ميدان الشرف والنزاهة
وأجدني أخشى أن يفقد موتي معناه إذا ما ماتت الثورة...
إذا ما مل الشباب وطمعت المعارضة وتلاعب النظام...
إذا ما لعب الساسة لعبة التهدئة والتنويم المغناطيسي...
مت لأجل مصر أجمل لا ترى النور من دون إسقاط النظام القبيح...
فإذا ما لم يسقط النظام وإذا ما لم تصبح مصر أجمل، فلماذا مت إذاً؟
لماذا فضلت مصر على حياتي الخاصة، على عائلتي وأصدقائي، على أحلامي المهنية والإنسانية؟"
اجعلوا لموتهم معنى أبدي
لا تسمحوا أن تنطفئ شعلة الثورة
لا تسمحوا أن تُسكَت أصواتكم
أبدعوا أساليب جديدة
قاوموا حتى النصر
كافحوا حتى الحرية
حتى لا يفقد موتهم معناه...
أعتذر لكل من سيضايقه المقال، لم أعني ذلك ولكني رأيت أن أرواح الشهداء بحاجة لمن يعبر عنها ويتحدث باسمها.
ولكم دائماً حق الاختلاف.

الأربعاء، 26 يناير 2011

مبارك أمان مصر!

إلى المدعوة مروة مؤسسة حركة مبارك أمان مصر والتي قالت بصوت جليل ملئه الرهبة المنبعثة من سمو رسالتها في نهاية برنامج العاشرة مساءاً قناة دريم 2 يوم الاثنين : "يا جماعة ما تتاجروش بآلام المصريين، الشعب المصري يعرف يتكيف كويس".
أقولك إيه؟
روحتى حي عشوائي قبل كدة عشان تشوفي التكيف اللي بتقولي عليه؟
تكيف ما بعده كده ورضا من هنا لخمسمائة سنة جاية...
رضا العائلات إنها تعيش في أوضة واحدة وحمام مشترك مع الجيران.
عيالهم الرضع يناموا جنب الفراخ والقطط.
إنه يهجم عليهم واحد حشاش بالليل يهددهم بالسرقة والاغتصاب...
إن "قمر" – طفلة في ابتدائي- ترضى بحالها لما يغتصبها ولد أكبر منها في المدرسة ويربطها بحبال.
وإن أمل – طفلة في ابتدائي- ترضى يجيلها فشل كلوي من مية مصر ولما تروح تعمل غسيل يجيلها ايدز من الجهاز.
وإن مريم – في إعدادي منازل- تدور على كتب تذاكر منها ومش لاقية...
وإن عيال كتير من الحي ما يعرفوش إن فيه دنيا براه والدنيا دي نفسها ما تعرفش بيهم ولا حتى على الورق عشان ساقطين قيد.
وإن أغلب السكان فوق دماغهم سقف حديد هش، لما تنزل المطرة في الشتا في عز اليل وإحنا نايمين فوقينا سقف أسمنت مسلح حديد عز مفتخر وبطاطين ولحفة صيني معتبرة هما بيغرقوا في أوضتهم الحيلة لما تملاها المية.
وإن في الوقت اللي أبراج الضغط العالي بتوصل لنا كهرباء نفتح بيها التكيفات والقنوات الفضائية وكل ما يحلو لنا، هما عايشين تحت برج من الأبراج دي وما بالك الأمراض اللي بتعمله فيهم. كفاية يوم واحد تعيشيه هناك عشان ترجعي البيت عاوزة تنامي من زنة الأبراج دي في دماغك في الوقت اللي هم عايشين في الزنة دي ليل نهار.
والله الشعب عمل اللي عليه وزيادة اتكيف 30 سنة وتعاون مع الحكومة كتير برضاه على حاله...
لو التكيف معناه إن الناس تفقد آدميتها وكرامتها وتتنازل عن أبسط حقوقها وتأخذ على قفاها ليل نهار يبقى ده كفر مش تكيف...
لو ده هو الأمان اللي بتتكلمي عنه يبقى إيه هو الخطر؟

الأحد، 23 يناير 2011

الناس تتظاهر ولا تنتحر أحسن؟

عزيزي القارئ،
اسمح لي أن آخذك في جولة صحفية سريعة بين خبر في المصري اليوم على معلومات مأخوذة من مواقع مختلفة وانتهاءً بجزء من مقالة للأستاذ بلال فضل.
نبدأ الجولة بخبر على موقع المصري اليوم: "رفضت الطوائف القبطية الثلاث الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية دعوات المشاركة في المظاهرات والاحتجاجات، التي ينظمها عدد من القوى السياسية غداً. قال الأنبا مرقس، أسقف شبرا الخيمة، رئيس لجنة الإعلام بالمجمع المقدس: «هذه المظاهرات لا نعرف هدفها، ولا نعرف تفاصيلها ومن يقف وراءها". أضاف مرقس أن الكنيسة الأرثوذكسية تطالب أبناءها بعدم الانسياق وراء الدعوات المشاركة في المظاهرات الداعية إلى التخريب والهدم.من جانبه، دعا القمص عبد المسيح بسيط، كاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد، مسيحيي مصر والمهجر إلى الاعتكاف يوم 25 يناير للصلاة في الكنائس أو المنازل ليحفظ الله مصر وشعبها، وعدم المشاركة فى يوم الاحتجاجات والمظاهرات.وبينما رفض القس أندريه زكى، نائب رئيس الطائفة الإنجيلية، تلك الدعوات والمظاهرات بشكل قاطع، قال الأنبا أنطونيوس عزيز، مطران الجيزة للأقباط الكاثوليك: «نرفض تلك المظاهرات، ولا نقبل الخروج على الحاكم إطلاقاً". وأضاف: «نرفض تماماً الانخراط في تلك الأعمال التي لن تجدي".
أعزائي المتحدثين باسم الكنيسة المصرية وباسم مسيحي مصر،
لقد بحثت عن أهداف تلك المظاهرات السلمية – التي لا تدعو لا للتخريب ولا للهدم- وتوصلت إلى مطالبها وهي:
1- مواجهة الغلاء ودعم الحكومة للمواطنين الغير قادرين.
2-إقالة حبيب العادلي وزير الداخلية ووقف الإتاوات التي تفرضها الشرطة علي جماهير الشعب المصري، ومحاكمة المسئولين عن التعذيب.
3- إنهاء قانون الطوارئ وخروج كافة المعتقلين بسبب قانون الطوارئ من أصحاب الفكر والمثقفين والصحفيين.
4- رفع الحد الأدنى للأجور إلى 1200 جنيه، ومنح بدل البطالة للعاطلين، لإيجاد فرصة عمل لهم وتحقيق الديمقراطية.
فالمظاهرات القادمة ستندد بالظلم وتنادي بحياة كريمة لجميع المصريين - مسلمين ومسيحيين- ولا أرى فيها ما يتنافى مع قيم المسيحية لكي يتم تحريمها على المسيحيين بهذا الشكل. ما أعرفه أن المسيح الذي نحمل اسمه لو كان بيننا الآن لكان شارك في أي عمل سلمي يهدف لتحرير الإنسان من الفقر والظلم والقهر. رجاءاً، لا تتعاملوا معنا كأننا نعيش في دولتكم فتعزلوننا بهذا الشكل عن مصريتنا، تدعوننا للمكوث في منازلنا وكنائسنا لنصلي وتنسون أن الصلاة والرسالة متلازمين، فلا معنى للصلاة إذا لم تغذي حياتنا ولا معنى للحياة إذا لم تُعمق في الصلاة، ولا معنى للحرية إذا لم نشارك في الوصول إليها، ولا معنى لمسيحيتنا إذا جلسنا صامتين أمام الظلم معتقدين أن لا شيء سيجدي نفعاً، محتمين باللي نعرفه عشان أحسن من اللي ما نعرفوش.
ما أعرفه إننا مدعوون للحياة، والحياة مثل نهر متدفق، متجدد، الحياة ليست مياه راكدة مليئة بالأمراض والبلاء.
وبرضه هآخذ بنصيحتكم وأصلي... هأصلي إن ربنا يحمل مصر وشعبها بين يديه طول فترة مسيرتها نحو الحياة والحرية وهأصلي عشان يبعث لنا مصريين قلبهم على البلد وعلى الناس الغلابة وهأصلي إنه يوجه كل نوايا ذوي السلطة ناحية الخير الأعظم لكل المصريين وهأصلي إنه يغفر لكل الظالمين ويرأف بهم.
وأنهي بجزء من مقالة للأستاذ بلال فضل بعنوان "أبوذر" يظهر أمام مجلس الشعب (2) وتاريخها 23 يناير 2011 وأسألكم: إيه أفضل الناس تتظاهر ولا تنتحر؟
لست محتاجا إلى فتوى شيخ لكى أعرف أن الانتحار ليس حلا ولا حلالا، لكنك عندما تشاهد على شاشة التليفزيون صوراً للشارع الذى خرج منه الشاب الإسكندرانى الذى انتحر حرقاً، وهو يطفح بالمجارى حتى حواف أبواب بيوته وينضح بالبؤس والتعاسة، تسأل نفسك لماذا قرر ذلك الشاب أن ينتحر بدلا من أن يأخذ كل من يعيشون معه فى ذلك الشارع البائس ليرموا أنفسهم وعيالهم وحالهم وهمهم أمام باب محافظ الإسكندرية لكى يجبروه على منحهم حقوقهم فى حياة آدمية كريمة، هل كانت الحكومة ستقتلهم جميعا، أو حتى هل كانت ستحبسهم جميعا، بالطبع لا، هم ببساطة لم يفعلوا ذلك لأن كل أبواب الاحتجاج السلمى تم تخويفهم منها، لأن هناك من قتل السياسة فى هذا البلد ظناً منه أن ذلك سيحقق الأمن لأسياده وشركائهم، لأن سكان ذلك الشارع لم يسمعوا عن أبى ذر الغفارى، فهو ليس محبوبا لدى المتشددين الذين فتحت لهم الحكومة أبواب المجتمع مشرعة لكى يعبثوا بعقول الناس، وليس محبوبا لدى المنبطحين الذين حولوا الدين إلى وظيفة يأكلون منها الشهد.
حسنا، المنتحر سيذهب إلى النار، شكرا يا مشايخنا الأجلاء على المعلومة القيمة، ولكن يا ترى هلّا أجبتمونا إلى أين سيذهب الشيوخ الذين يصمتون على ظلم الحكام واستبدادهم وفسادهم، وإلى أين سيذهب الحكام الذين يدفعون ببلادهم إلى التخلف والتطرف والجهل، إلى أين سيذهب اللصوص الذين يثرون من مناصبهم ثم يعلنون محبتهم لمصر ويدعون إلى عمل الخير، إلى أين سيذهب المنافقون والظلمة والجلادون، إلى أين سيذهب الذين يعذبون الناس بالكهرباء والذين يستبيحون حرمة البيوت والذين يقمعون المتظاهرين والذين يفسدون فى الأرض بعد إصلاحها والذين يزوّرون الانتخابات والذين ينشرون الجهل والذين يمسخون روح الفقراء والذين يصنعون فى كل بيت تاجر مخدرات ومدمناً وبلطجياً وفتاة ليل ومنتحراً بوسيلة أو بأخرى، هل سيذهبون إلى الجنة يا حضرات المشايخ؟
كل الكلام أرخص من معاناة الناس، ما الذى سيعنيه هذا الكلام لدى شاب فقد الأمل؟، لا شىء، حتى الذين يقرأون كلامى الآن هم مثلى أناس لديهم أمل ما، وإن بدوا يائسين، لو لم يكن لديهم أمل ولو ضئيل لما اشتروا الصحيفة أو حتى دخلوا إلى موقعها الإلكترونى، ببساطة كلنا بنكلم بعض، كلنا نفضل أن نقول «بُقين حلوين عن الأمل واليأس» مع أننا جميعا نعلم أين مشكلتنا، لكن بعضنا أجبن من أن يواجهوا أنفسهم بالحل.. طيب ما هو الحل، يمكن أن أقول لك على رأى النكتة الشهيرة: بسم الله الرحمن الرحيم: الإجابة تونس، لكن تجارب الشعوب لا ينفع معها «الكوبى والبيست» للأسف الشديد، ومع ذلك فالإجابة الوحيدة التى أعرفها أن هذه البلاد لابد أن تتغير، لأنه لا يمكن أن يكون المشروع القومى لهذه البلاد الآن هو إثبات أن الرئيس كان على حق طيلة الثلاثين سنة الماضية. باختصار حكام هذه البلاد لابد أن يرحلوا ويمنحوها فرصة جديدة، وإلا فإنهم باستمرارهم فى البقاء على كراسيهم يحاولون أن يمنعوا انتحار مئات من الشباب بينما هم يدفعون بلداً بأكمله إلى الانتحار.

الخميس، 6 يناير 2011

دروس في الإعتذار والغفران

عزيزي القارئ،
أهلاً بك في أول دروس فن الإعتذار والغفران.
المكان: ورشة عن التعامل مع الاختلاف.
الموضوع: الاختلاف الديني.
الحضور: 14 شاب وشابة من زهور الشباب المسلم + شخصي الضعيف الممثل لشباب المسيحيين.
النشاط: شهادة حياتية عما يعيشه كل شخص بسبب دينه....

أتذكر محمد عندما حكى شعوره بالإقصاء والتفرقة في عمله حينما ظهر بشهر رمضان وإذ فجأةً، عصير الليمون المثلج، المنعش المشبر والذي قدمه الساعي لزملائه الملحدين. وأبتسم لطرافة أسلوبه في الحكي.
أذكر منياوي وهو يحكي عن امتلاء منزله في شهر رمضان بأصدقائه من المسيحيين والبهائيين وعن صديقة جدته اليهودية راشيل التي كانت تذهب معها إلى السينما.
أذكر مُنجي في صغره عندما رفض طلب أحد الشيوخ ألا يتحدث مع مسيحيين. فكيف يفعل ذلك وصديقه الحميم بالمدرسة مسيحي؟!
أذكر رانيا عندما تحكي اكتشافها أن الحجاب لا يناسب شخصيتها وكينونتها.
أذكر شريفة عندما تعبر عن الصعوبة التي تجدها في قبول من يفرض طريقة واحدة لعيش الدين والتقرب من الله داخل نفس الديانة ويرفض أن يقبل أشخاص تعيش دينها بأسلوب آخر يناسبها.
وأذكر عندما جاء الدور علي وتركزت العيون علي وكان لازم أتكلم عشان مافيش غيري.
حرصت يومها أن أقول ما لي وما علي.
حكيت قصة فتاة صغيرة في الصف الأول الابتدائي بكت لمدرسة اللغة العربية عندما حاولت تحفيظها مع زميلاتها نص قرآني ضمن المنهج، بكت لأنها لم تفهم لماذا يجب عليها دراسة النص وحفظه.
وحكيت قصة لنفس الفتاة وهي في ثانوية عامة عندما رفضت وضع لوحات منقوشة بطراز إسلامي ومكتوب عليها جمل مشتركة في الثقافة المصرية مثل "الحمد لله" وغيرها على حيطان أحد أدوار المدرسة. رفضت لأنها لم ترد أن تصبح مدرستها – المكان الذي تعيش فيه بطمأنينة وانطلاق وشعور بالانتماء بعد بيتها - لم ترد أن تشاركها فيه زميلاتها المسلمات، لم ترد أن تشعرن أنهن في بيتهن مثلما تشعر هي.
أذكر خليل عندما قدم لي إعتذاراً عن كل ما قد أكون عشته أو عاشه آخرون من المسيحيين. شعرت بداخلي بشعور من الذنب، وددت أن أقول له لا تعتذر فإني لا أستحق الإعتذار، لكني لم ألحق أن أوقف إعتذاره النبيل، وإعتذرت بدوري عن ذنبي المذكور أعلاه وعن كل أحكام الماضي معترفة بكوني إنسانة تخطئ ضمن آخرين.
وأخرج من أول درس وأنا أعرف أن الحوار الذي يقرب البشر بعضهم البعض هو السبيل لبناء الصداقة والاحترام، هو السبيل للتفاهم والقبول بل وللحب أيضاً.
فأنا أعرف اليوم ومتأكدة أن أصدقائي المسلمين يعيشون نفس حالة الحزن والغم، أعرف إنهم يخافون علي.
وهذه الصداقات والعلاقات الطيبة هي التي تجعلني اليوم أشعر إن مصر بلدي وإن المسلمين بيحبوا المسيحيين وإني ما أقدرش أبداً في يوم من الأيام أكره المسلمين لأنهم أصحابي وزمايلي وجيراني وأهلي اللي بيحبوني وبأحبهم.

الأربعاء، 5 يناير 2011

يسوع واللاعنف1

لا أستطيع أن أفهم ردود الفعل العنيفة للمسيحيين، الغضب والتعبير عنه شيء والتعبير بالعنف من إلقاء طوب وتكسير سيارات وترديد شعارات تدعو للفرقة بين المصريين شيء آخر. أمام ما حدث بالإسكندرية، يجب أن نغضب وأن نعبر عن غضبنا جميعاً، مسلمين ومسيحيين، ولكن يبقى السؤال هو كيف نعبر عن هذا الغضب؟
لا أستطيع أن أفهم الأفعال العنيفة ونوبات الكراهية؟ لماذا؟ لأن يسوع لم يكن عنيفاً، لم يعرف قلبه الكره، كان وديعاً كالحمل، هادئاً، محباً للجميع حتى لمن صلبوه. وداعة لا تعني الضعف، وداعة هي أقوى من استخدام العنف، وداعة تذهب إلى طلب الغفران بحق المذنبين. فعندما جاء الجنود ليسلموه، نهر تلاميذه من استخدام العنف، وعندما لطمه أحد الحراس لم يرد له اللطمة، لكنه لم يصمت أيضاً بل سأله:"إن كنت أسأت في الكلام فبين الإساءة، وإن كنت أحسنت في الكلام، فلماذا تضربني؟".
فلا يعني اللاعنف السكوت على الظلم والعنف، بل يعني عدم الصمت، على أن يكون عدم الصمت لا عنفي في الفعل والكلام.
فهل نقتضي بالمسيح اليوم الذي نحمل اسمه أم إننا مجرد مدعين؟
هل نسعى أن نتبعه بالرغم من ضعفنا البشري، فنراجع أفكارنا وأحكامنا وأقوالنا وأفعالنا التي نصدرها ضد إخوتنا؟ وهل هذه الأفكار والأحكام والأقوال والأفعال تشهد له هو المحبة الفائقة الذي صلى من أجل صالبيه: "يا أبت أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ما يفعلون".
قد تأخذ السبل اللاعنفية وقتاً أطول للحصول على الحق ولكنها بلا شك السبيل الوحيد الذي يستحق الاحترام.

1 مقالة مستوحاة في أغلبها من وعظة يوم الأحد 2 يناير 2011.

إلى كل أصدقاء الرحلة


اليوم 4 يناير 2011، عناوين الأخبار تشير إلى إصابة أعداد من المواطنين وقوات الأمن أثناء مظاهرات الأمس المنددة بحادث الإسكندرية. أحدث صديقة عبر الهاتف لأطمئن عليها. كانت بالأمس ستشارك بمظاهرة المثقفين ولسة قارئة إن الكاتب بهاء طاهر تم الاعتداء عليه من قبل الأمن بنفس المظاهرة...
أتذكر حين سافرت إلى فرنسا في عام 2004 في منحة للتدريب بأحد الصحف وطلب مني المشرف على التدريب حضور مظاهرة منظمة من أجل إصدار حكم مشدد ضد أحد المجرمين من أعداء المجتمع- ارتكب سلسلة اغتصابات وقتل لضحاياه. أخبرت أمي في الهاتف ببرنامجي هذا، فلطمت تقريباً: "مظاهرة! ما تروحيش، أوعي!". ذهبت في الموعد المحدد نحو الثالثة ظهراً، كان العدد نحو الثلاثين شخصاً، يسير بجوارهم أحد أفراد الأمن على دراجته البخارية لينظم المسيرة والتي انتقلت عبر عدة شوارع وصولاً إلى المحكمة حيث هتفوا ضد المجرم المذكور ورفعوا لافتات بمطالبهم.
فالتعبير عن الرأي حق يكفله الإعلان الرسمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية المنبثقة منه. والحق لا يلغي الواجب، أي ليكون الإنسان جديراً بممارسة حقوقه، فعليه واجب احترام حقوق الآخر. والمثل السابق الخاص بالمظاهرة السلمية يوضح كيف يمكن احترام جميع الأطراف لبعضهم البعض سواء كانوا من أفراد الأمن أو المتظاهرين.
أتذكر أيضاُ موقف حدث لي منذ نحو شهرين، تحديداً في بداية شهر نوفمبر، في الأسبوع السابق لعيد الأضحى. كنت مسافرة إلى سوهاج في مهمة عمل، ولتأخري في الحجز استفدت من تذاكر أحد الأصدقاء لصعوبة إيجاد تذاكر في هذه الفترة. كانت التذكرة من القاهرة إلى أسيوط. تصورت إن القطار سيخلى من الزحام عند أسيوط، وسأدفع الغرامة المقررة وأجلس في مكاني معززة مكرمة. وعلى عكس التوقع، استمر الزحام وكان يجب علي أن أترك مقعدي لصاحبه الجديد لأقف المسافة بين أسيوط وسوهاج والتي تستغرق نحو الساعة والنصف. وإذ بشاب يقف من مجلسه ليعرض علي مكانه ويرجع إلى آخر العربة. كان شاباً في العشرينات، يرتدي زي "أمني" به وقار. في بداية الرحلة، رأيته ومجرد رؤياي له تلاها حكم عليه من نوع : "دول الأعداء، المستبدين، الظالمين، أيوة قاعد درجة أولى واسطة عشان شغله..."
اقترحت عليه في منتصف الطريق أن يعود ليجلس مكانه، ولكنه وبشهامة أهل البلد وخاصة أهل سوهاج- أعتقد إنه كان عائداً في أجازة إلى عائلته- رفض بشدة. قمت قبل وصول القطار إلى سوهاج من زهقي واستعجالي الوصول. وأمام باب الخروج، وقفت أمامه لأتأمله. كان زيه جميلاً، لونه أسود لامع زاهي – ليس كزي أفراد الأمن المعتاد- وعلى ذراعه الأيسر شارة مشغولة بالخيوط وكتب عليها "الأمن المركزي" وأعتقد أن كان عليها نسراً أيضاً، لكني لست خبيرة بالشارات..
أتذكر هذا الموقف اليوم، وأتذكر صديق الرحلة الذي قام من كرسيه المحجوز ليجلسني أنا التي بلا حجز وبلا حق أطالب به. فيا صديق الرحلة أرجو أن تكون بألف خير وأدعو أن يحفظك الله ويحفظ كل أبناء وطني من الشر ومن اقترافه ضد إخوانهم في الوطن.

الثلاثاء، 4 يناير 2011

أروح فين بنفسي بس؟


عزيزي القارئ،
جربت قبل كدة رياضة المشي بالعربية؟
جربت تكون رايح شغلك وأنت بتجرجر رجليك عشان تخرج من الحالة اللي أنت فيها؟ ولما ما تلاقيش مكان تركن فيه، تقرر أن تستمر بقيادة السيارة بدلاً من أن تصمم على استكمال البحث عن ركنة والذهاب إلى العمل؟
أروح على فين كدة؟ أروح أي كافيه أحاول أشتغل فيه؟! ممكن، ليه لأ؟!
من ثلاث أيام وأنا في البيت، قاعدة بين الأخبار وتعليقات الفيس بوك وأحد ألعاب هذا الأخير. أقرأ بعض الأخبار وأهرب منها بساعات طويلة من اللعب...
مش عاوزة أرجع البيت، ومش عارفة لو كنت نجحت أركن، كنت هأعرف أشتغل ولا لأ؟
اكتئاب ده ولا إيه؟
كسل شديد وحزن عميق ودموع من حين لآخر حتى وأنا بداخل السيارة...
وفي الرحلة إلى الكافيه، أختار شوارع لا أعرفها، تطول الرحلة وأنا غير مبالية بطولها، تستهواني رياضة المشي بالعربية وأجدني لا أعرف إذا كنت فعلاً أريد الذهاب إلى الكافيه.
أروح بنفسي فين؟ مش عارفة!
لا أجد شتات نفسي... وأتساءل هل تناثرت نفسي مع تناثر أشلاء الضحايا؟
وأشعر بتناثر أنفس أخرى من حولي، مسلمين ومسيحيين، واقعين في صدمة ما حدث...
فهل نخرج من تلك الحالة قريباً؟
هل نخرج منها مستندين على أكتاف بعضنا البعض؟
يا أصدقائي، كلنا الهم ملئنا، كلنا بحاجة للمساندة...
تعالوا لا ننغلق على همنا، تعالوا نخرج منه معاً،
فلم يعد هناك وقت لحمل الهم والحزن، لا فقد انتهى وقتهما من زمن بعيد وأتى وقت العمل
لنخرج من حالة التوهان الجماعي هذه وفقدان الاتزان...
مش مهم دينك ولا لونك ولا تعليمك ولا عملك ولا شكلك ولا أصلك ولا فصلك ولا شكلك ولا لبسك ولا مالك ولا جمالك ولا سكنك ولا معتقداتك...
المهم إنك إنسان
المهم إنك مواطن
في وطن اسمه مصر
وعليك إنك تبنيه معانا...
لو سمحت