الثلاثاء، 3 نوفمبر 2009

ممكن تعدينا؟

في الصباح الباكر، في طريقي لنقطة وقوف أوتوبيس القرية الذكية، أتعجل السير – تساعدني "الجزمة الزحافي" ولا مؤاخذة- حتى لا يفوتني وأتسوح!
الشارع منقسم إلى حارتين في نفس الاتجاه: أول حارة سهلة العبور، أما الثانية، فأحياناً أقف بالثلاث دقائق لعبورها. أسعد اليوم أن الحارة الثانية كانت سهلة العبور.
يضايقني أحد المارة بكلمات جارحة، فأسب وألعن دون أن يُسمع صوتي. عكر على اليوم من أوله!
بعدها بعدة خطوات، أشاهد ولداً وبنتاً عمرهما نحو السبع أو الثماني سنوات، يرتدين الزى المدرسي وعلى ظهر كل منهما الحقيبة المقررة على جميع التلاميذ.
شدني أن الولد كان يضع يديه في جيوبه. إيه الألاطة ديه! كان شكله جميل قوي!
وجدت الفتاة تحدثني بصوت خافت: "ممكن تعدينا؟".
أفاجأ بردة فعل تلقائية مني، فإذ بي أنظر للساعة لأرى إن كان بوسعي تلبية الطلب. فكانت الساعة على وجهها الآخر من ناحية القفل. أدرك برؤيتها هكذا ردة فعلي تلك وأدرك أن لا أهمية للوقت في هذه اللحظة. سأتصل بزميلتي لينتظرني الأوتوبيس. مش مشكلة!
وللمرة الثانية، تخرج مني ردة فعل سريعة، فأقرر أن ألبي الطلب، فأمسك بيد الفتاة الصغيرة، وتمسك هي بيد الولد ونعبر ثلاثتنا الطريق، الحارة الثانية الصعبة أولاً: أشاور لسيارة نقل كبيرة آتية من بعيد بأن تهدئ. أشعر إني مسئولة عن أرواح الصغار وفي نفس الوقت أريد إنجاز المهمة في وقت قصير. الحارة الأولى، عبورها سهل دائماً. ها نحن قد وصلنا إلى بر الأمان! في تلقائية يتركني الأطفال بلا شكر. أبتسم وأفكر إنني في المرة القادمة سأطالبهم به، لا لأني أنتظره بل ليتعلموه.
أعود لعبور الحارتين بمفردي: كان العبور سهلاً في الثلاث مرات: ذهاباً ثم عودة ثم ذهاباً آخر.
أستكمل الطريق وأنا سعيدة بالحياة ومنطلقة، وأكتشف أن الساعة يجب تركها في أوقات كثيرة لنعبر الطريق مع الآخرين.
فيا صغيري الصباح، أشكركما على السعادة التي تركتماني فيها وأعتذر لكما على تعجلي في العبور.