الاثنين، 20 فبراير 2012

من رواية ذات- لصُنع الله ابراهيم

ألف المصريون المحدثون تأريخ أيامهم بالتقويم الثوري (قبل 1952 وبعدها) قبل أن ينتقلوا إلى التقويم الرئاسي للثالوث الذي تعاقب على الحكم بعد الثورة (عبد الناصر، السادات، مبارك)، أما ذات فكان لها تقويم خاص يعتمد الثالوث الأموي الذي تعاقب أفراده على خدمتها: أم أفكار، أم عاطف، أم وحيد.

وليس معنى هذا أنها لم تتلق معونة في أعمال المنزل من غيرهن. فعلى خلاف الوضع بالنسبة لمن خدموا الشعب في مجموعه، فأخلصوا له الولاء ولم يتغيبوا يوما واحدا عن موقع عملهم، وبالتالي لم يقدموا أي مبرر لأحد غيرهم كي يزاحمهم في خدمة الشعب، فإن الثالوث الأموي الذي يمتد نشاطه على مدى عقدين من حياة ذات، كان موزع الولاء، يخدم لصالح جهات متعددة، وهي حقيقة وضعت في الاعتبار منذ البداية، إذ حصلت كل جهة على يوم معلوم. لكن الأمور لم تسر على هذا المنوال بالضبط، فأحياناً ما كانت بعض الجهات تجور على الأيام المخصصة لجهات غيرها، وأحياناً كانت أمور أخرى - شخصية تماماً- تتسبب في انقطاع الانتظام في الخدمة. وهنا وجه الاختلاف الرئيسي بين خدمة الشعب في مجموعه، وخدمة أحد أفراده على حدة، فالتعاقد في الحالة الأولى أبدي، لا ينتهي إلا بانتقال الخادم نفسه إلى الأمجاد السماوية، أما في الحالة الثانية فيكفي قليل من الملل، ذلك القرين السيء للحياة الحديثة، كي تختفي أم أفكار دون إنذار عدة شهور، أو خلاف بسيط حول أسبقية المطبخ على الحمام عند التنظيف، لتغضب أم عاطف وتتغيب للأبد، أو سهرة بث شائقة تستيقظ أم وحيد بعدها متأخرة لتجد نفسها وسط فيلم من أفلامها فتتخلف عن موعدها أسبوعاً أو أسبوعين.