الثلاثاء، 10 يونيو 2008

قصة الحلزون

لا شئ يمشي بشكل جيد
لم أعد أعلم ماذا أفعل هنا؟
ما قيمتي أو نفعي؟
كذبة قيلت قديماً وصدقتها: "أنت لا تجيدين فعل شئ بشكل جيد"
لا أريد أن يكون لي نفع
وقد لا يكون لي قيمة أيضاً
ولكني أريد بكل ما في من قوى
أن أُحَب كما أنا
بكل فقري وضعفي
فمن هو محرري الشجاع
الفارس؟
يأخذني بين يديه كما لو كان ممسكاً بحلزون ينفخ فيه نفسه الدافئ، فيخرج هذا الآخر من قوقعته إلى النور والحياة.
أيوجد مثل هذا الفارس بين البشر؟
أم إنه علي أن أبحث دائماً عن هذا الحب المجاني بين يدي الله فقط؟!



الاثنين، 9 يونيو 2008

كنت ورا البهايم

أتذكر وقت كنت بالكلية وسمعت لأول مرة عن قرب – وخارج المسلسلات التليفزيونية - جملة بالصعيدي عندما طلب مني أحد الزملاء "لافيني الكتاب والملزمة". واندهشت وقتها وطلبت منه أن يكرر ما قال لأنني لم أستوعبه تمام الاستيعاب.

لم أكن أعلم وقتها إن عملي سيكون له صلة وثيقة بمجتمع الصعيد، مجتمع القرى أكثر منه مجتمع المدينة. وأجدني أحب ما أكتشفه – عندما تسنح لي الفرصة – من جمل وكلمات مختلفة عنا نحن القاهريين.


ومؤخراً في أحد الزيارات لأحد المدارس الموازية1 بسوهاج وبالتحديد بقرية كوم غريب – مركز طما، شمال سوهاج - وعند سؤال بعض الفتيات - عمرهن يتراوح بين ١٠ و ١١ سنة – عما كن يفعلن قبل المدرسة، تكررت إجابات مثل"كنت بأروح ورا البهايم" أو "كنت بأسرح". الجملة الأولى تعني رعي المواشي وأما الثانية فتختص بأعمال الغيط من حصاد وغيره وهي أعمال يقوم بها الأطفال لمساعدة عائلاتهم. وفي قرى أخرى مثل الحلاقي وتنطق “الحلاجي”- مركز طما – تسرح الفتيات حتى تأتين بالشيل أو جهاز العروسة لأن أهلهم ليس لديهم الإمكانيات. وكثير من الأحيان تغيب الأطفال عن المدرسة الموازية للسراحة. وفي موسم مثل موسم القمح بشهر مايو، يذهب الأطفال لا لكسب المال بل لجمع السنابل الواقعة في الأرض أثناء عملية الحصاد لتصبح خزين السنة لعائلاتهم.

“كنت بأروح ورا البهايم"
جملة جديدة على أذني وعقلي.
عمل جدير بالاحترام، لا أعرف كيفية مزاولته وهو ما يزيده احتراماً في نظري.
أكيد هو عمل يُعلم الكثير من الأشياء من اهتمام بآخر وصبر وأشياء أخرى لا تدركها قاهريتي المحدودة.
النقطة الأهم أن هؤلاء الأطفال لم يبقوا ورا البهايم ولكنهم ذهبوا إلى المدرسة لتعلم شئ جديد، قد يظلوا مع ذلك يذهبون للرعي أو السراحة، لكنهم تخطوا موقفهم الأول، معرفتهم الأولى، تخطوا الثبات وتحرروا...

ولنفكر نحن أيضاً مهما كنا نعمل من مهنة: “هل نتطور يوماً بعد يوم؟" سواء في عملنا أو في شخصياتنا وعلاقاتنا بالآخرين وبأنفسنا. لأن هناك وقت للذهاب ورا البهايم ووقت للسراحة، كما هناك وقت آخر للذهاب إلى المدرسة.
فلا تبقى حيث أنت
لأن هناك دائماً شئ جديد عليك أن تتعلمه
لأن هناك مكان أبعد، على قدميك أن تطئه
فلا تتوقف
بل ابدأ المسير
ولا تتوقف

ــــــــــــــــــــــــ
* المدرسة الموازية هي مدرسة لمن فاتهم قطار التعليم أو تسربوا منه و في سن ٩- ١٥ سنة وتراعي ظروف عمل الأطفال. وهي من أربع سنوات دراسية، يحصل من يجتاز امتحاناتهاعلى الشهادة الابتدائية ويستطيع من بعدها أن يستكمل تعليمه الإعدادي بمدرسة نظامية في حالة إن سمح سنه بذلك أو من منزله إن لم يسمح سنه.