الأربعاء، 26 يناير 2011

مبارك أمان مصر!

إلى المدعوة مروة مؤسسة حركة مبارك أمان مصر والتي قالت بصوت جليل ملئه الرهبة المنبعثة من سمو رسالتها في نهاية برنامج العاشرة مساءاً قناة دريم 2 يوم الاثنين : "يا جماعة ما تتاجروش بآلام المصريين، الشعب المصري يعرف يتكيف كويس".
أقولك إيه؟
روحتى حي عشوائي قبل كدة عشان تشوفي التكيف اللي بتقولي عليه؟
تكيف ما بعده كده ورضا من هنا لخمسمائة سنة جاية...
رضا العائلات إنها تعيش في أوضة واحدة وحمام مشترك مع الجيران.
عيالهم الرضع يناموا جنب الفراخ والقطط.
إنه يهجم عليهم واحد حشاش بالليل يهددهم بالسرقة والاغتصاب...
إن "قمر" – طفلة في ابتدائي- ترضى بحالها لما يغتصبها ولد أكبر منها في المدرسة ويربطها بحبال.
وإن أمل – طفلة في ابتدائي- ترضى يجيلها فشل كلوي من مية مصر ولما تروح تعمل غسيل يجيلها ايدز من الجهاز.
وإن مريم – في إعدادي منازل- تدور على كتب تذاكر منها ومش لاقية...
وإن عيال كتير من الحي ما يعرفوش إن فيه دنيا براه والدنيا دي نفسها ما تعرفش بيهم ولا حتى على الورق عشان ساقطين قيد.
وإن أغلب السكان فوق دماغهم سقف حديد هش، لما تنزل المطرة في الشتا في عز اليل وإحنا نايمين فوقينا سقف أسمنت مسلح حديد عز مفتخر وبطاطين ولحفة صيني معتبرة هما بيغرقوا في أوضتهم الحيلة لما تملاها المية.
وإن في الوقت اللي أبراج الضغط العالي بتوصل لنا كهرباء نفتح بيها التكيفات والقنوات الفضائية وكل ما يحلو لنا، هما عايشين تحت برج من الأبراج دي وما بالك الأمراض اللي بتعمله فيهم. كفاية يوم واحد تعيشيه هناك عشان ترجعي البيت عاوزة تنامي من زنة الأبراج دي في دماغك في الوقت اللي هم عايشين في الزنة دي ليل نهار.
والله الشعب عمل اللي عليه وزيادة اتكيف 30 سنة وتعاون مع الحكومة كتير برضاه على حاله...
لو التكيف معناه إن الناس تفقد آدميتها وكرامتها وتتنازل عن أبسط حقوقها وتأخذ على قفاها ليل نهار يبقى ده كفر مش تكيف...
لو ده هو الأمان اللي بتتكلمي عنه يبقى إيه هو الخطر؟

الأحد، 23 يناير 2011

الناس تتظاهر ولا تنتحر أحسن؟

عزيزي القارئ،
اسمح لي أن آخذك في جولة صحفية سريعة بين خبر في المصري اليوم على معلومات مأخوذة من مواقع مختلفة وانتهاءً بجزء من مقالة للأستاذ بلال فضل.
نبدأ الجولة بخبر على موقع المصري اليوم: "رفضت الطوائف القبطية الثلاث الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية دعوات المشاركة في المظاهرات والاحتجاجات، التي ينظمها عدد من القوى السياسية غداً. قال الأنبا مرقس، أسقف شبرا الخيمة، رئيس لجنة الإعلام بالمجمع المقدس: «هذه المظاهرات لا نعرف هدفها، ولا نعرف تفاصيلها ومن يقف وراءها". أضاف مرقس أن الكنيسة الأرثوذكسية تطالب أبناءها بعدم الانسياق وراء الدعوات المشاركة في المظاهرات الداعية إلى التخريب والهدم.من جانبه، دعا القمص عبد المسيح بسيط، كاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد، مسيحيي مصر والمهجر إلى الاعتكاف يوم 25 يناير للصلاة في الكنائس أو المنازل ليحفظ الله مصر وشعبها، وعدم المشاركة فى يوم الاحتجاجات والمظاهرات.وبينما رفض القس أندريه زكى، نائب رئيس الطائفة الإنجيلية، تلك الدعوات والمظاهرات بشكل قاطع، قال الأنبا أنطونيوس عزيز، مطران الجيزة للأقباط الكاثوليك: «نرفض تلك المظاهرات، ولا نقبل الخروج على الحاكم إطلاقاً". وأضاف: «نرفض تماماً الانخراط في تلك الأعمال التي لن تجدي".
أعزائي المتحدثين باسم الكنيسة المصرية وباسم مسيحي مصر،
لقد بحثت عن أهداف تلك المظاهرات السلمية – التي لا تدعو لا للتخريب ولا للهدم- وتوصلت إلى مطالبها وهي:
1- مواجهة الغلاء ودعم الحكومة للمواطنين الغير قادرين.
2-إقالة حبيب العادلي وزير الداخلية ووقف الإتاوات التي تفرضها الشرطة علي جماهير الشعب المصري، ومحاكمة المسئولين عن التعذيب.
3- إنهاء قانون الطوارئ وخروج كافة المعتقلين بسبب قانون الطوارئ من أصحاب الفكر والمثقفين والصحفيين.
4- رفع الحد الأدنى للأجور إلى 1200 جنيه، ومنح بدل البطالة للعاطلين، لإيجاد فرصة عمل لهم وتحقيق الديمقراطية.
فالمظاهرات القادمة ستندد بالظلم وتنادي بحياة كريمة لجميع المصريين - مسلمين ومسيحيين- ولا أرى فيها ما يتنافى مع قيم المسيحية لكي يتم تحريمها على المسيحيين بهذا الشكل. ما أعرفه أن المسيح الذي نحمل اسمه لو كان بيننا الآن لكان شارك في أي عمل سلمي يهدف لتحرير الإنسان من الفقر والظلم والقهر. رجاءاً، لا تتعاملوا معنا كأننا نعيش في دولتكم فتعزلوننا بهذا الشكل عن مصريتنا، تدعوننا للمكوث في منازلنا وكنائسنا لنصلي وتنسون أن الصلاة والرسالة متلازمين، فلا معنى للصلاة إذا لم تغذي حياتنا ولا معنى للحياة إذا لم تُعمق في الصلاة، ولا معنى للحرية إذا لم نشارك في الوصول إليها، ولا معنى لمسيحيتنا إذا جلسنا صامتين أمام الظلم معتقدين أن لا شيء سيجدي نفعاً، محتمين باللي نعرفه عشان أحسن من اللي ما نعرفوش.
ما أعرفه إننا مدعوون للحياة، والحياة مثل نهر متدفق، متجدد، الحياة ليست مياه راكدة مليئة بالأمراض والبلاء.
وبرضه هآخذ بنصيحتكم وأصلي... هأصلي إن ربنا يحمل مصر وشعبها بين يديه طول فترة مسيرتها نحو الحياة والحرية وهأصلي عشان يبعث لنا مصريين قلبهم على البلد وعلى الناس الغلابة وهأصلي إنه يوجه كل نوايا ذوي السلطة ناحية الخير الأعظم لكل المصريين وهأصلي إنه يغفر لكل الظالمين ويرأف بهم.
وأنهي بجزء من مقالة للأستاذ بلال فضل بعنوان "أبوذر" يظهر أمام مجلس الشعب (2) وتاريخها 23 يناير 2011 وأسألكم: إيه أفضل الناس تتظاهر ولا تنتحر؟
لست محتاجا إلى فتوى شيخ لكى أعرف أن الانتحار ليس حلا ولا حلالا، لكنك عندما تشاهد على شاشة التليفزيون صوراً للشارع الذى خرج منه الشاب الإسكندرانى الذى انتحر حرقاً، وهو يطفح بالمجارى حتى حواف أبواب بيوته وينضح بالبؤس والتعاسة، تسأل نفسك لماذا قرر ذلك الشاب أن ينتحر بدلا من أن يأخذ كل من يعيشون معه فى ذلك الشارع البائس ليرموا أنفسهم وعيالهم وحالهم وهمهم أمام باب محافظ الإسكندرية لكى يجبروه على منحهم حقوقهم فى حياة آدمية كريمة، هل كانت الحكومة ستقتلهم جميعا، أو حتى هل كانت ستحبسهم جميعا، بالطبع لا، هم ببساطة لم يفعلوا ذلك لأن كل أبواب الاحتجاج السلمى تم تخويفهم منها، لأن هناك من قتل السياسة فى هذا البلد ظناً منه أن ذلك سيحقق الأمن لأسياده وشركائهم، لأن سكان ذلك الشارع لم يسمعوا عن أبى ذر الغفارى، فهو ليس محبوبا لدى المتشددين الذين فتحت لهم الحكومة أبواب المجتمع مشرعة لكى يعبثوا بعقول الناس، وليس محبوبا لدى المنبطحين الذين حولوا الدين إلى وظيفة يأكلون منها الشهد.
حسنا، المنتحر سيذهب إلى النار، شكرا يا مشايخنا الأجلاء على المعلومة القيمة، ولكن يا ترى هلّا أجبتمونا إلى أين سيذهب الشيوخ الذين يصمتون على ظلم الحكام واستبدادهم وفسادهم، وإلى أين سيذهب الحكام الذين يدفعون ببلادهم إلى التخلف والتطرف والجهل، إلى أين سيذهب اللصوص الذين يثرون من مناصبهم ثم يعلنون محبتهم لمصر ويدعون إلى عمل الخير، إلى أين سيذهب المنافقون والظلمة والجلادون، إلى أين سيذهب الذين يعذبون الناس بالكهرباء والذين يستبيحون حرمة البيوت والذين يقمعون المتظاهرين والذين يفسدون فى الأرض بعد إصلاحها والذين يزوّرون الانتخابات والذين ينشرون الجهل والذين يمسخون روح الفقراء والذين يصنعون فى كل بيت تاجر مخدرات ومدمناً وبلطجياً وفتاة ليل ومنتحراً بوسيلة أو بأخرى، هل سيذهبون إلى الجنة يا حضرات المشايخ؟
كل الكلام أرخص من معاناة الناس، ما الذى سيعنيه هذا الكلام لدى شاب فقد الأمل؟، لا شىء، حتى الذين يقرأون كلامى الآن هم مثلى أناس لديهم أمل ما، وإن بدوا يائسين، لو لم يكن لديهم أمل ولو ضئيل لما اشتروا الصحيفة أو حتى دخلوا إلى موقعها الإلكترونى، ببساطة كلنا بنكلم بعض، كلنا نفضل أن نقول «بُقين حلوين عن الأمل واليأس» مع أننا جميعا نعلم أين مشكلتنا، لكن بعضنا أجبن من أن يواجهوا أنفسهم بالحل.. طيب ما هو الحل، يمكن أن أقول لك على رأى النكتة الشهيرة: بسم الله الرحمن الرحيم: الإجابة تونس، لكن تجارب الشعوب لا ينفع معها «الكوبى والبيست» للأسف الشديد، ومع ذلك فالإجابة الوحيدة التى أعرفها أن هذه البلاد لابد أن تتغير، لأنه لا يمكن أن يكون المشروع القومى لهذه البلاد الآن هو إثبات أن الرئيس كان على حق طيلة الثلاثين سنة الماضية. باختصار حكام هذه البلاد لابد أن يرحلوا ويمنحوها فرصة جديدة، وإلا فإنهم باستمرارهم فى البقاء على كراسيهم يحاولون أن يمنعوا انتحار مئات من الشباب بينما هم يدفعون بلداً بأكمله إلى الانتحار.

الخميس، 6 يناير 2011

دروس في الإعتذار والغفران

عزيزي القارئ،
أهلاً بك في أول دروس فن الإعتذار والغفران.
المكان: ورشة عن التعامل مع الاختلاف.
الموضوع: الاختلاف الديني.
الحضور: 14 شاب وشابة من زهور الشباب المسلم + شخصي الضعيف الممثل لشباب المسيحيين.
النشاط: شهادة حياتية عما يعيشه كل شخص بسبب دينه....

أتذكر محمد عندما حكى شعوره بالإقصاء والتفرقة في عمله حينما ظهر بشهر رمضان وإذ فجأةً، عصير الليمون المثلج، المنعش المشبر والذي قدمه الساعي لزملائه الملحدين. وأبتسم لطرافة أسلوبه في الحكي.
أذكر منياوي وهو يحكي عن امتلاء منزله في شهر رمضان بأصدقائه من المسيحيين والبهائيين وعن صديقة جدته اليهودية راشيل التي كانت تذهب معها إلى السينما.
أذكر مُنجي في صغره عندما رفض طلب أحد الشيوخ ألا يتحدث مع مسيحيين. فكيف يفعل ذلك وصديقه الحميم بالمدرسة مسيحي؟!
أذكر رانيا عندما تحكي اكتشافها أن الحجاب لا يناسب شخصيتها وكينونتها.
أذكر شريفة عندما تعبر عن الصعوبة التي تجدها في قبول من يفرض طريقة واحدة لعيش الدين والتقرب من الله داخل نفس الديانة ويرفض أن يقبل أشخاص تعيش دينها بأسلوب آخر يناسبها.
وأذكر عندما جاء الدور علي وتركزت العيون علي وكان لازم أتكلم عشان مافيش غيري.
حرصت يومها أن أقول ما لي وما علي.
حكيت قصة فتاة صغيرة في الصف الأول الابتدائي بكت لمدرسة اللغة العربية عندما حاولت تحفيظها مع زميلاتها نص قرآني ضمن المنهج، بكت لأنها لم تفهم لماذا يجب عليها دراسة النص وحفظه.
وحكيت قصة لنفس الفتاة وهي في ثانوية عامة عندما رفضت وضع لوحات منقوشة بطراز إسلامي ومكتوب عليها جمل مشتركة في الثقافة المصرية مثل "الحمد لله" وغيرها على حيطان أحد أدوار المدرسة. رفضت لأنها لم ترد أن تصبح مدرستها – المكان الذي تعيش فيه بطمأنينة وانطلاق وشعور بالانتماء بعد بيتها - لم ترد أن تشاركها فيه زميلاتها المسلمات، لم ترد أن تشعرن أنهن في بيتهن مثلما تشعر هي.
أذكر خليل عندما قدم لي إعتذاراً عن كل ما قد أكون عشته أو عاشه آخرون من المسيحيين. شعرت بداخلي بشعور من الذنب، وددت أن أقول له لا تعتذر فإني لا أستحق الإعتذار، لكني لم ألحق أن أوقف إعتذاره النبيل، وإعتذرت بدوري عن ذنبي المذكور أعلاه وعن كل أحكام الماضي معترفة بكوني إنسانة تخطئ ضمن آخرين.
وأخرج من أول درس وأنا أعرف أن الحوار الذي يقرب البشر بعضهم البعض هو السبيل لبناء الصداقة والاحترام، هو السبيل للتفاهم والقبول بل وللحب أيضاً.
فأنا أعرف اليوم ومتأكدة أن أصدقائي المسلمين يعيشون نفس حالة الحزن والغم، أعرف إنهم يخافون علي.
وهذه الصداقات والعلاقات الطيبة هي التي تجعلني اليوم أشعر إن مصر بلدي وإن المسلمين بيحبوا المسيحيين وإني ما أقدرش أبداً في يوم من الأيام أكره المسلمين لأنهم أصحابي وزمايلي وجيراني وأهلي اللي بيحبوني وبأحبهم.

الأربعاء، 5 يناير 2011

يسوع واللاعنف1

لا أستطيع أن أفهم ردود الفعل العنيفة للمسيحيين، الغضب والتعبير عنه شيء والتعبير بالعنف من إلقاء طوب وتكسير سيارات وترديد شعارات تدعو للفرقة بين المصريين شيء آخر. أمام ما حدث بالإسكندرية، يجب أن نغضب وأن نعبر عن غضبنا جميعاً، مسلمين ومسيحيين، ولكن يبقى السؤال هو كيف نعبر عن هذا الغضب؟
لا أستطيع أن أفهم الأفعال العنيفة ونوبات الكراهية؟ لماذا؟ لأن يسوع لم يكن عنيفاً، لم يعرف قلبه الكره، كان وديعاً كالحمل، هادئاً، محباً للجميع حتى لمن صلبوه. وداعة لا تعني الضعف، وداعة هي أقوى من استخدام العنف، وداعة تذهب إلى طلب الغفران بحق المذنبين. فعندما جاء الجنود ليسلموه، نهر تلاميذه من استخدام العنف، وعندما لطمه أحد الحراس لم يرد له اللطمة، لكنه لم يصمت أيضاً بل سأله:"إن كنت أسأت في الكلام فبين الإساءة، وإن كنت أحسنت في الكلام، فلماذا تضربني؟".
فلا يعني اللاعنف السكوت على الظلم والعنف، بل يعني عدم الصمت، على أن يكون عدم الصمت لا عنفي في الفعل والكلام.
فهل نقتضي بالمسيح اليوم الذي نحمل اسمه أم إننا مجرد مدعين؟
هل نسعى أن نتبعه بالرغم من ضعفنا البشري، فنراجع أفكارنا وأحكامنا وأقوالنا وأفعالنا التي نصدرها ضد إخوتنا؟ وهل هذه الأفكار والأحكام والأقوال والأفعال تشهد له هو المحبة الفائقة الذي صلى من أجل صالبيه: "يا أبت أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ما يفعلون".
قد تأخذ السبل اللاعنفية وقتاً أطول للحصول على الحق ولكنها بلا شك السبيل الوحيد الذي يستحق الاحترام.

1 مقالة مستوحاة في أغلبها من وعظة يوم الأحد 2 يناير 2011.

إلى كل أصدقاء الرحلة


اليوم 4 يناير 2011، عناوين الأخبار تشير إلى إصابة أعداد من المواطنين وقوات الأمن أثناء مظاهرات الأمس المنددة بحادث الإسكندرية. أحدث صديقة عبر الهاتف لأطمئن عليها. كانت بالأمس ستشارك بمظاهرة المثقفين ولسة قارئة إن الكاتب بهاء طاهر تم الاعتداء عليه من قبل الأمن بنفس المظاهرة...
أتذكر حين سافرت إلى فرنسا في عام 2004 في منحة للتدريب بأحد الصحف وطلب مني المشرف على التدريب حضور مظاهرة منظمة من أجل إصدار حكم مشدد ضد أحد المجرمين من أعداء المجتمع- ارتكب سلسلة اغتصابات وقتل لضحاياه. أخبرت أمي في الهاتف ببرنامجي هذا، فلطمت تقريباً: "مظاهرة! ما تروحيش، أوعي!". ذهبت في الموعد المحدد نحو الثالثة ظهراً، كان العدد نحو الثلاثين شخصاً، يسير بجوارهم أحد أفراد الأمن على دراجته البخارية لينظم المسيرة والتي انتقلت عبر عدة شوارع وصولاً إلى المحكمة حيث هتفوا ضد المجرم المذكور ورفعوا لافتات بمطالبهم.
فالتعبير عن الرأي حق يكفله الإعلان الرسمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية المنبثقة منه. والحق لا يلغي الواجب، أي ليكون الإنسان جديراً بممارسة حقوقه، فعليه واجب احترام حقوق الآخر. والمثل السابق الخاص بالمظاهرة السلمية يوضح كيف يمكن احترام جميع الأطراف لبعضهم البعض سواء كانوا من أفراد الأمن أو المتظاهرين.
أتذكر أيضاُ موقف حدث لي منذ نحو شهرين، تحديداً في بداية شهر نوفمبر، في الأسبوع السابق لعيد الأضحى. كنت مسافرة إلى سوهاج في مهمة عمل، ولتأخري في الحجز استفدت من تذاكر أحد الأصدقاء لصعوبة إيجاد تذاكر في هذه الفترة. كانت التذكرة من القاهرة إلى أسيوط. تصورت إن القطار سيخلى من الزحام عند أسيوط، وسأدفع الغرامة المقررة وأجلس في مكاني معززة مكرمة. وعلى عكس التوقع، استمر الزحام وكان يجب علي أن أترك مقعدي لصاحبه الجديد لأقف المسافة بين أسيوط وسوهاج والتي تستغرق نحو الساعة والنصف. وإذ بشاب يقف من مجلسه ليعرض علي مكانه ويرجع إلى آخر العربة. كان شاباً في العشرينات، يرتدي زي "أمني" به وقار. في بداية الرحلة، رأيته ومجرد رؤياي له تلاها حكم عليه من نوع : "دول الأعداء، المستبدين، الظالمين، أيوة قاعد درجة أولى واسطة عشان شغله..."
اقترحت عليه في منتصف الطريق أن يعود ليجلس مكانه، ولكنه وبشهامة أهل البلد وخاصة أهل سوهاج- أعتقد إنه كان عائداً في أجازة إلى عائلته- رفض بشدة. قمت قبل وصول القطار إلى سوهاج من زهقي واستعجالي الوصول. وأمام باب الخروج، وقفت أمامه لأتأمله. كان زيه جميلاً، لونه أسود لامع زاهي – ليس كزي أفراد الأمن المعتاد- وعلى ذراعه الأيسر شارة مشغولة بالخيوط وكتب عليها "الأمن المركزي" وأعتقد أن كان عليها نسراً أيضاً، لكني لست خبيرة بالشارات..
أتذكر هذا الموقف اليوم، وأتذكر صديق الرحلة الذي قام من كرسيه المحجوز ليجلسني أنا التي بلا حجز وبلا حق أطالب به. فيا صديق الرحلة أرجو أن تكون بألف خير وأدعو أن يحفظك الله ويحفظ كل أبناء وطني من الشر ومن اقترافه ضد إخوانهم في الوطن.

الثلاثاء، 4 يناير 2011

أروح فين بنفسي بس؟


عزيزي القارئ،
جربت قبل كدة رياضة المشي بالعربية؟
جربت تكون رايح شغلك وأنت بتجرجر رجليك عشان تخرج من الحالة اللي أنت فيها؟ ولما ما تلاقيش مكان تركن فيه، تقرر أن تستمر بقيادة السيارة بدلاً من أن تصمم على استكمال البحث عن ركنة والذهاب إلى العمل؟
أروح على فين كدة؟ أروح أي كافيه أحاول أشتغل فيه؟! ممكن، ليه لأ؟!
من ثلاث أيام وأنا في البيت، قاعدة بين الأخبار وتعليقات الفيس بوك وأحد ألعاب هذا الأخير. أقرأ بعض الأخبار وأهرب منها بساعات طويلة من اللعب...
مش عاوزة أرجع البيت، ومش عارفة لو كنت نجحت أركن، كنت هأعرف أشتغل ولا لأ؟
اكتئاب ده ولا إيه؟
كسل شديد وحزن عميق ودموع من حين لآخر حتى وأنا بداخل السيارة...
وفي الرحلة إلى الكافيه، أختار شوارع لا أعرفها، تطول الرحلة وأنا غير مبالية بطولها، تستهواني رياضة المشي بالعربية وأجدني لا أعرف إذا كنت فعلاً أريد الذهاب إلى الكافيه.
أروح بنفسي فين؟ مش عارفة!
لا أجد شتات نفسي... وأتساءل هل تناثرت نفسي مع تناثر أشلاء الضحايا؟
وأشعر بتناثر أنفس أخرى من حولي، مسلمين ومسيحيين، واقعين في صدمة ما حدث...
فهل نخرج من تلك الحالة قريباً؟
هل نخرج منها مستندين على أكتاف بعضنا البعض؟
يا أصدقائي، كلنا الهم ملئنا، كلنا بحاجة للمساندة...
تعالوا لا ننغلق على همنا، تعالوا نخرج منه معاً،
فلم يعد هناك وقت لحمل الهم والحزن، لا فقد انتهى وقتهما من زمن بعيد وأتى وقت العمل
لنخرج من حالة التوهان الجماعي هذه وفقدان الاتزان...
مش مهم دينك ولا لونك ولا تعليمك ولا عملك ولا شكلك ولا أصلك ولا فصلك ولا شكلك ولا لبسك ولا مالك ولا جمالك ولا سكنك ولا معتقداتك...
المهم إنك إنسان
المهم إنك مواطن
في وطن اسمه مصر
وعليك إنك تبنيه معانا...
لو سمحت