الأربعاء، 5 يناير 2011

إلى كل أصدقاء الرحلة


اليوم 4 يناير 2011، عناوين الأخبار تشير إلى إصابة أعداد من المواطنين وقوات الأمن أثناء مظاهرات الأمس المنددة بحادث الإسكندرية. أحدث صديقة عبر الهاتف لأطمئن عليها. كانت بالأمس ستشارك بمظاهرة المثقفين ولسة قارئة إن الكاتب بهاء طاهر تم الاعتداء عليه من قبل الأمن بنفس المظاهرة...
أتذكر حين سافرت إلى فرنسا في عام 2004 في منحة للتدريب بأحد الصحف وطلب مني المشرف على التدريب حضور مظاهرة منظمة من أجل إصدار حكم مشدد ضد أحد المجرمين من أعداء المجتمع- ارتكب سلسلة اغتصابات وقتل لضحاياه. أخبرت أمي في الهاتف ببرنامجي هذا، فلطمت تقريباً: "مظاهرة! ما تروحيش، أوعي!". ذهبت في الموعد المحدد نحو الثالثة ظهراً، كان العدد نحو الثلاثين شخصاً، يسير بجوارهم أحد أفراد الأمن على دراجته البخارية لينظم المسيرة والتي انتقلت عبر عدة شوارع وصولاً إلى المحكمة حيث هتفوا ضد المجرم المذكور ورفعوا لافتات بمطالبهم.
فالتعبير عن الرأي حق يكفله الإعلان الرسمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية المنبثقة منه. والحق لا يلغي الواجب، أي ليكون الإنسان جديراً بممارسة حقوقه، فعليه واجب احترام حقوق الآخر. والمثل السابق الخاص بالمظاهرة السلمية يوضح كيف يمكن احترام جميع الأطراف لبعضهم البعض سواء كانوا من أفراد الأمن أو المتظاهرين.
أتذكر أيضاُ موقف حدث لي منذ نحو شهرين، تحديداً في بداية شهر نوفمبر، في الأسبوع السابق لعيد الأضحى. كنت مسافرة إلى سوهاج في مهمة عمل، ولتأخري في الحجز استفدت من تذاكر أحد الأصدقاء لصعوبة إيجاد تذاكر في هذه الفترة. كانت التذكرة من القاهرة إلى أسيوط. تصورت إن القطار سيخلى من الزحام عند أسيوط، وسأدفع الغرامة المقررة وأجلس في مكاني معززة مكرمة. وعلى عكس التوقع، استمر الزحام وكان يجب علي أن أترك مقعدي لصاحبه الجديد لأقف المسافة بين أسيوط وسوهاج والتي تستغرق نحو الساعة والنصف. وإذ بشاب يقف من مجلسه ليعرض علي مكانه ويرجع إلى آخر العربة. كان شاباً في العشرينات، يرتدي زي "أمني" به وقار. في بداية الرحلة، رأيته ومجرد رؤياي له تلاها حكم عليه من نوع : "دول الأعداء، المستبدين، الظالمين، أيوة قاعد درجة أولى واسطة عشان شغله..."
اقترحت عليه في منتصف الطريق أن يعود ليجلس مكانه، ولكنه وبشهامة أهل البلد وخاصة أهل سوهاج- أعتقد إنه كان عائداً في أجازة إلى عائلته- رفض بشدة. قمت قبل وصول القطار إلى سوهاج من زهقي واستعجالي الوصول. وأمام باب الخروج، وقفت أمامه لأتأمله. كان زيه جميلاً، لونه أسود لامع زاهي – ليس كزي أفراد الأمن المعتاد- وعلى ذراعه الأيسر شارة مشغولة بالخيوط وكتب عليها "الأمن المركزي" وأعتقد أن كان عليها نسراً أيضاً، لكني لست خبيرة بالشارات..
أتذكر هذا الموقف اليوم، وأتذكر صديق الرحلة الذي قام من كرسيه المحجوز ليجلسني أنا التي بلا حجز وبلا حق أطالب به. فيا صديق الرحلة أرجو أن تكون بألف خير وأدعو أن يحفظك الله ويحفظ كل أبناء وطني من الشر ومن اقترافه ضد إخوانهم في الوطن.

ليست هناك تعليقات: