الخميس، 6 يناير 2011

دروس في الإعتذار والغفران

عزيزي القارئ،
أهلاً بك في أول دروس فن الإعتذار والغفران.
المكان: ورشة عن التعامل مع الاختلاف.
الموضوع: الاختلاف الديني.
الحضور: 14 شاب وشابة من زهور الشباب المسلم + شخصي الضعيف الممثل لشباب المسيحيين.
النشاط: شهادة حياتية عما يعيشه كل شخص بسبب دينه....

أتذكر محمد عندما حكى شعوره بالإقصاء والتفرقة في عمله حينما ظهر بشهر رمضان وإذ فجأةً، عصير الليمون المثلج، المنعش المشبر والذي قدمه الساعي لزملائه الملحدين. وأبتسم لطرافة أسلوبه في الحكي.
أذكر منياوي وهو يحكي عن امتلاء منزله في شهر رمضان بأصدقائه من المسيحيين والبهائيين وعن صديقة جدته اليهودية راشيل التي كانت تذهب معها إلى السينما.
أذكر مُنجي في صغره عندما رفض طلب أحد الشيوخ ألا يتحدث مع مسيحيين. فكيف يفعل ذلك وصديقه الحميم بالمدرسة مسيحي؟!
أذكر رانيا عندما تحكي اكتشافها أن الحجاب لا يناسب شخصيتها وكينونتها.
أذكر شريفة عندما تعبر عن الصعوبة التي تجدها في قبول من يفرض طريقة واحدة لعيش الدين والتقرب من الله داخل نفس الديانة ويرفض أن يقبل أشخاص تعيش دينها بأسلوب آخر يناسبها.
وأذكر عندما جاء الدور علي وتركزت العيون علي وكان لازم أتكلم عشان مافيش غيري.
حرصت يومها أن أقول ما لي وما علي.
حكيت قصة فتاة صغيرة في الصف الأول الابتدائي بكت لمدرسة اللغة العربية عندما حاولت تحفيظها مع زميلاتها نص قرآني ضمن المنهج، بكت لأنها لم تفهم لماذا يجب عليها دراسة النص وحفظه.
وحكيت قصة لنفس الفتاة وهي في ثانوية عامة عندما رفضت وضع لوحات منقوشة بطراز إسلامي ومكتوب عليها جمل مشتركة في الثقافة المصرية مثل "الحمد لله" وغيرها على حيطان أحد أدوار المدرسة. رفضت لأنها لم ترد أن تصبح مدرستها – المكان الذي تعيش فيه بطمأنينة وانطلاق وشعور بالانتماء بعد بيتها - لم ترد أن تشاركها فيه زميلاتها المسلمات، لم ترد أن تشعرن أنهن في بيتهن مثلما تشعر هي.
أذكر خليل عندما قدم لي إعتذاراً عن كل ما قد أكون عشته أو عاشه آخرون من المسيحيين. شعرت بداخلي بشعور من الذنب، وددت أن أقول له لا تعتذر فإني لا أستحق الإعتذار، لكني لم ألحق أن أوقف إعتذاره النبيل، وإعتذرت بدوري عن ذنبي المذكور أعلاه وعن كل أحكام الماضي معترفة بكوني إنسانة تخطئ ضمن آخرين.
وأخرج من أول درس وأنا أعرف أن الحوار الذي يقرب البشر بعضهم البعض هو السبيل لبناء الصداقة والاحترام، هو السبيل للتفاهم والقبول بل وللحب أيضاً.
فأنا أعرف اليوم ومتأكدة أن أصدقائي المسلمين يعيشون نفس حالة الحزن والغم، أعرف إنهم يخافون علي.
وهذه الصداقات والعلاقات الطيبة هي التي تجعلني اليوم أشعر إن مصر بلدي وإن المسلمين بيحبوا المسيحيين وإني ما أقدرش أبداً في يوم من الأيام أكره المسلمين لأنهم أصحابي وزمايلي وجيراني وأهلي اللي بيحبوني وبأحبهم.

هناك تعليقان (2):

خليل المصري يقول...

عزيزتي الآنسة كاف

الإعتذار وقتها كان عن مشاعر سلبية في مجتمعنا المصري بشكل عام, يواجهها و يتعرض لها الكثير من المسيحيين.

و لكني بعد الحادث الأخير, قدمت و أتقدم باعتذار عن أفعال سلبية قمت بها بشكل خاص:

- تناقل بعض النكات عن المسيحيين, بالرغم من حبي الشديد, ولكن في أيام المراهقة, كنت أجهل مدى تأثير ذلك على مستقبلنا.

- قبول بعض الإساءات ضد المسيحيين التي كانت تثار أمامي بالرغم من احترامي الشديد.

- السلبية و التقصير في التواصل الفعال, و المصارحة و الإعتذار منذ إدراك حجم الفجوة التي تفصلنا.

باختصار, أعتذر لأني كنت أحد الذين ساعدوا على اتساع الفجوة بيننا, بدلا من العمل على تضييقها!

كـاف يقول...

كلنا ساهمنا في اتساع الفجوة وكلنا مذنبون ...
وبعد الإعتذار المتبادل يأتي وقت العمل من أجل بلدنا
معاً ضد الفقر والظلم معاً لتحقيق العدالة والخير