السبت، 9 فبراير 2008

*المرأة الزرقاء والرجل الأصفر

كانت تحب اللون الأزرق

وكان يحب اللون الأصفر،
كانت ترتدى ثياباً زرقاء
و كان هو يرتديها صفراء،
كانت تنظر إلى الدنيا فتجدها زرقاء
و كان هو ينظر إليها فيجدها صفراء،

كانت هي المرأة الزرقاء

و كان هو الرجل الأصفر
و في يوم وجدت المرأة الزرقاء الرجل الأصفر قد تغير...
لم يعد يحب الأصفر بل أصبح يحب الأزرق،
لم يعد يرتدى ثيابً صفراء بل أصبح يرتديها زرقاء،
لم يعد ينظر إلى الدنيا ويجدها صفراء بل أصبح يجدها زرقاء،
لم يعد بعد الرجل الأصفر فقد تحول إلى أزرق...
و قال لها معللاً هذا التغير المفاجئ :
"لقد غيرت لونى المفضل، غيرت لون ثيابي، غيرت نظرتي إلى الحياة وأصبحت أزرقاً مثلك...وكل ذلك لأني أحبك، فهل تقبلينني أزرقاً مثلك يا عزيزتي المرأة الزرقاء؟"
وكان هذا هو رد المرأة الزرقاء :
"عزيزي الرجل الأصفر (سابقا)،
لماذا تغيرت؟؟!
لقد كنت أقبلك وأنت أصفر،
و كنت أرى صفرتك وأنظر إلى زرقتي فأجدني سعيدة لشد ما يتماشيان معاً،
لقد كنت أحبك أصفراً كما أنت ولم أكن أريدك أن تتنازل عن لونك..عن ذاتك لأجلى.
عزيزي،
عد إلى لونك من جديد،
عد إلى أفكارك وأحلامك،
عد إلى نفسك...
وعندئذ ستجدني أشاركك في كل ما تحلم به وكل ما تتطلع إليه
و لكن دون أن أتخلى عن زرقتي،
عندئذ ستجد نفسك تشاركني فى أفكاري و نظرتي إلى الأشياء
و لكن دون أن تتخلى عن صفرتك.
عزيزي،
إذا قرر اللون الأصفر أن يتغير إلى أزرق عند خلطه باللون الأزرق، فلن يكون هناك لوناً أخضراً،
و إذا قررت أنت أن تصبح أنا فلن يكون هناك " أنت وأنا"
فأنت أصفر وأنا زرقاء وهذا لا يمنع أن يحب كل منا الآخر وهذا لا يمنع أيضاً أن يختلط الأصفر بالأزرق فتختلط أفكارهما وأحلامهما معاً لتكون أحلاماً وأفكاراًً خضراء..."
المرأة الزرقاء
و أخيراً فالنهاية هي النهاية السعيدة المعروفة لدى الجميع ...
الرجل الأصفر عاد أصفراً من جديد وتزوج من المرأة الزرقاء وعاشوا في سعادة خضراء وأنجبوا أولاداً خضرا وبناتاً خضروات.ً


* من كتابات أيام الجامعة

*أمام هذا الجسد... صلاة


أمام أحد صناديق الكهرباء بمنطقة وسط البلد، كان ذلك الجسد ممداً
كان يوجد أمامه مجموعة من المناديل الورقية
كانت بائعة المناديل الصغيرة نائمة
وكان الناس من حولها يمرون
منهم من هو مشغول في حديث مع أحد الأصدقاء
ومنهم من يفكر في مشتريات العيد والملابس الجديدة و...
كلهم يمرون، يفاجئون بوجودها، يتفادونها...
أصبحت ظاهرة عادية
طفل ينام في الشارع
أمام هذا الجسد أتوقف لأشاهد الموقف بأكمله
أتوقف بصمت أشبه بالصلاة
أتوقف في مهابة واحترام لهذا الإنسان
يحدثني صديقي عن أنانية الأهل بإنجابهم أطفالاً للتعذيب
يحلل هو الموقف لمعرفة أسباب الظاهرة
وأما أنا فأبحث عن حل ولا أجد...
وأتذكر شخصاً تحدث إلى هؤلاء الأطفال وأصبح صديقهم في يوم من الأيام
حضرت ذكراه السنوية الثانية صدفة إذ لم أكن أعرفه، فقط سمعت عنه
حضرت ذكراه مع أحد الأصدقاء في إطار تواجدي بالإسكندرية لحضور اجتماعات عمل
ورغم إني لا أعرفه
إلا إنني بكيت
بكيت على إنسان جعل من حياته تقدمة للآخر
وبكيت على أسوار سجني الذاتي...
فتحيةً لك يا رامي وكل احترام

وما أنشره الآن هو جزء مما كتب رامي الإسكندراني – هذا الإنسان الذي عرفته دون أن أراه - عن هؤلاء الأطفال، أطفال الشوارع، شوارع مصر، بلدنا:

"أتخيل أنه كان يبكي كلما رأى أب يحمل طفله فوق ذراعيه
أتخيل أنه كان يضحك كلما رأى أم تضرب ابنها.
هكذا عاش في غربة من نفسه... شريد قدر بلا قلب... وابن مجتمع لم يعترف بشرعيته... ألقاه بعيداً عنه كالخردة البالية... عاش أسير حريته... يدفع ثمنها من براءة طفولته...
...وفي يوم
يوم عاصف... متمرد...هائج... وقع تحت العجلات الثقيلة... تحت ثقل الفقر والجهل... داهمته عجلات ترام ثائر... عجلات ظلم ويأس... قسوة واستبداد... عجلات الغباء والاستهتار والكفر بالقيم والحياة.
رحل بلا أنين... لم يذرف الدموع... ولم تُذرف عليه الدموع... لم يعد بعد يتألم... لم يعد يبكي... لم يعد يتذكر أمه أو يتخيل أبيه!!
مات كما وُلد...
خلقه مجتمع فاسد... ليتنقل بين عربات الترام.
وقتله مجتمع فاسد... تحت عجلات الترام.
رامي 1996 من كراسة الشوارع


* من مدونتي القديمة

* The Deadline آخر موعد


"حددي دائماً آخر موعد لك" قالها لي صديقي
فسألته: "أتقصد بالنسبة للعمل س أم للعمل ص؟"
فأجاب: "Deadline لكل حاجة في حياتك"
في عملي كما في التزاماتي المرتبطة بالأنشطة التي أقوم بها،
كثيراً ما أؤخر تسليم الأعمال منتهية وكاملة
تواجهني عقبات أو صعوبات في إنجاز العمل
أنحني أمامها بدلاً من أن أواجها
أكتئب
أيأس
لا أطلب مساعدة أحد
أصمت
أغرق في دوامتي التي صنعتها
وما يضخم الأمر إني أسعى أيضاً إلى كمال تلك الأعمال
فيأتي صديقي ملهماً إياي كعادته – كأنه يعرف ما أحتاج أن أسمع- : "deadline لكل حاجة"
في عملي لا تخبرني مديرتي بموعد أخير لتسليم أحد التقارير
فقط تتذمر حين أتلكأ أكثر من اللازم
في التزاماتي بأحد الأنشطة، لم يلح أحد- كعادتهم - في طلب ما كان يجب علي عمله
فنجد أنفسنا فجأة أمام كارثة
لمجرد إني تعودت أن يدفعني أحد من الخلف دائماً:
"أين العمل س؟ وأين ص؟"
لم أتعود أن أسعى إلى إنجاز الأعمال بعيداً عن ميعاد تسليمها
تعودت أن أسأل دائماً نفس السؤال: ما هو آخر ميعاد للتسليم؟
لم أتعود أن أضع لنفسي هذا الموعد
"deadline لكل حاجة في الحياة"
جملة تطرح معها العديد من التساؤلات الزمنية:
متى أتعلم ركوب الدراجة؟
متى أجلس على اللسان الخشبي لأحد الشواطئ لأصطاد الأسماك في هدوء؟
متى أصبح كاتبة؟
متى أترك عملي الحالي؟
متى أتحرر لأصبح كالعصفور المحلق في السماء؟
متى أكون؟
متى أقرر الالتزام بشخص؟
متى أغير أسلوب الحياة التي أحيا فأحيا حياتي التي أريد؟
متى يتغير حال العالم؟
متى أصبح أقل سلبية في عالمي الخاص؟
وأنت، أيها المسكين الذي تقرأ تفاهاتي
متى تحقق ذاتك؟
متى تسعى وراء أحلامك المؤجلة مثلها مثل مسئولياتك؟
أم إنك أفضل مني حالاً تعودت أن تحارب
لتنجز الأعمال وتحقق الآمال؟
"Deadline لكل حاجة"
لنتذكر هذا
ونتعلم أن لكل شئ
لكل عمل ولكل حلم
وقت يجب أن يتمم فيه
لا تناموا مثلي على الأشياء
بل انهضوا اليوم
اشمروا عن ساعديكم
وهيا إلى العمل
ومطاردة الأحلام...


*من مدونتي القديمة

*اخرج

أستيقط من النوم بصعوبة في السادسة مساءاً، أكلت على الغذاء فرخة محشية بالأرز والكبد (كانت فرخة صغيرة)، – يبدو أن "فرخة" ليست كلمة عربية صحيحة، تضايق الوورد ويعلم عليها بالأحمر- الأكل مازال يكبس على أنفاسي، أشعر برغبتي في شرب أحد المشروبات الغازية.
أنزل لأعطي أحد الأصدقاء كراسته التي استعرتها منذ عدة أشهر
أصعد إلى الشقة من جديد
أقرر أن أنزل لأبحث عن مشروب غازي يعالج كبس الأكل
"سفن أب آيس*1 أو باتمان*2": تلك كانت بُغيتي
المحل تحت العمارة ليس عنده سوى البيبسي وأنواع أخرى لا أريدها
لا أتنازل عن اختياري
أخرج إلى الشارع الرئيسي علني أجد
أخرج باحثةً عن المشروب، أجد في المشي والهواء ضالتي، وفرصة للخروج، ليس من البيت...
أتنفس الهواء وأشعر بالانطلاق
أسأل في أكثر من محل
"لا يوجد، ليس هناك طلب عليها"
أعرف أن محل الفكهاني لديه باتمان على الأقل
أرفض أن أشتري منه
أتذكر حادثة...
ذهبت في يوم لحضور حدث ثقافي بالساقية (كنت مجبرة في إطار العمل)
أردت أن أفك لأركب تاكسي للزمالك
رأيت يومها أن أشتري "كان" لأشربه
مررت على ذلك المحل، كان هناك أحدهم يحمل طفلاً أظنه في حوالي الثامنة من عمره
أما الآخر فكان يمسك عصا غليظة ويضربه بها على مؤخرته...
صدمت ولم أرد أن أشتري منه...
ولازلت لا أريد...
أكتب تلك الكلمات وأتساءل: ألم يكن بوسعي أن أفعل أفضل من ذلك؟ أن أوقف هذا العنف؟ أما كنت سلبية كعادتي؟
أعود إلى المنزل بدون مشروبي
لا أكترث كثيراً لذلك
يكفيني إني خرجت بعض الدقائق وتمشيت...
وفي رأسي كلمات قرأتها قبل نزولي:
" اخرج
لماذا تبقى سجين ذاتك
أنا لم أقفل بابك عليك
أنا لا أقدر أن أفتحه
لأنك أنت من الداخل أحكمت قفله
اخرج"
(نجني من ذاتي – كتاب الأيادي الضارعة، ميشال كواست، ص193)
1* سفن آب بالنعناع
2* مشروب غازي بطعم التوت
* من مدونتي القديمة

...*رأسُ صدئ


هي رأسي التي أصابها الصدأ
مثل صفيحة القمامة الحديدية
لا ليس لرأسي ذنب
فكرة المجلة تبعث الحياة بداخل رأسي
أجد الأفكار تتلاحق في سلاسة وأنا في طريقي لركوب المترو
داخل عربة النساء، أرفض أن أخرج الكتاب من حقيبة يدي لأقرأ
تأخذني الأفكار وأستكملها في متعة
قريباً أصل للمحطة ثم أقابل الأصدقاء
وسيكون علي أن أُسكت أفكاري
لأستقبل كلامهم
لأبادلهم الحديث
تمنيت من زمن لو أن هناك اختراع
يثبت على الرأس
يقرأ الأفكار
وينقلها على الورق
تمنيت لو لم تضع أفكاري اليوم
وأفكاري بالأمس وأفكار الغد
كلها تذهب كعادتها بلا رجعة
تمنيت لو كتبتها كما فكرت بها
وبنفس الكلمات
أمسك الورقة والقلم
أجلس أمام الحاسب
أحياناً يحالفني الحظ وتؤازرني جنية الإلهام
وأحياناً أجلس أمام ورقة ملؤها الشخبطة
أحياناً يتدفق مني سيلاً من الإحساس
وأحياناً يجف نهري
أمام الورقة والقلم
أمام الحاسب الآلي
قد أشعر بواجب الكتابة
دون أن أشعر بما أكتب
وأما في داخل رأسي...
فحرية!
*من مدونتي القديمة