الأحد، 23 يناير 2011

الناس تتظاهر ولا تنتحر أحسن؟

عزيزي القارئ،
اسمح لي أن آخذك في جولة صحفية سريعة بين خبر في المصري اليوم على معلومات مأخوذة من مواقع مختلفة وانتهاءً بجزء من مقالة للأستاذ بلال فضل.
نبدأ الجولة بخبر على موقع المصري اليوم: "رفضت الطوائف القبطية الثلاث الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية دعوات المشاركة في المظاهرات والاحتجاجات، التي ينظمها عدد من القوى السياسية غداً. قال الأنبا مرقس، أسقف شبرا الخيمة، رئيس لجنة الإعلام بالمجمع المقدس: «هذه المظاهرات لا نعرف هدفها، ولا نعرف تفاصيلها ومن يقف وراءها". أضاف مرقس أن الكنيسة الأرثوذكسية تطالب أبناءها بعدم الانسياق وراء الدعوات المشاركة في المظاهرات الداعية إلى التخريب والهدم.من جانبه، دعا القمص عبد المسيح بسيط، كاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد، مسيحيي مصر والمهجر إلى الاعتكاف يوم 25 يناير للصلاة في الكنائس أو المنازل ليحفظ الله مصر وشعبها، وعدم المشاركة فى يوم الاحتجاجات والمظاهرات.وبينما رفض القس أندريه زكى، نائب رئيس الطائفة الإنجيلية، تلك الدعوات والمظاهرات بشكل قاطع، قال الأنبا أنطونيوس عزيز، مطران الجيزة للأقباط الكاثوليك: «نرفض تلك المظاهرات، ولا نقبل الخروج على الحاكم إطلاقاً". وأضاف: «نرفض تماماً الانخراط في تلك الأعمال التي لن تجدي".
أعزائي المتحدثين باسم الكنيسة المصرية وباسم مسيحي مصر،
لقد بحثت عن أهداف تلك المظاهرات السلمية – التي لا تدعو لا للتخريب ولا للهدم- وتوصلت إلى مطالبها وهي:
1- مواجهة الغلاء ودعم الحكومة للمواطنين الغير قادرين.
2-إقالة حبيب العادلي وزير الداخلية ووقف الإتاوات التي تفرضها الشرطة علي جماهير الشعب المصري، ومحاكمة المسئولين عن التعذيب.
3- إنهاء قانون الطوارئ وخروج كافة المعتقلين بسبب قانون الطوارئ من أصحاب الفكر والمثقفين والصحفيين.
4- رفع الحد الأدنى للأجور إلى 1200 جنيه، ومنح بدل البطالة للعاطلين، لإيجاد فرصة عمل لهم وتحقيق الديمقراطية.
فالمظاهرات القادمة ستندد بالظلم وتنادي بحياة كريمة لجميع المصريين - مسلمين ومسيحيين- ولا أرى فيها ما يتنافى مع قيم المسيحية لكي يتم تحريمها على المسيحيين بهذا الشكل. ما أعرفه أن المسيح الذي نحمل اسمه لو كان بيننا الآن لكان شارك في أي عمل سلمي يهدف لتحرير الإنسان من الفقر والظلم والقهر. رجاءاً، لا تتعاملوا معنا كأننا نعيش في دولتكم فتعزلوننا بهذا الشكل عن مصريتنا، تدعوننا للمكوث في منازلنا وكنائسنا لنصلي وتنسون أن الصلاة والرسالة متلازمين، فلا معنى للصلاة إذا لم تغذي حياتنا ولا معنى للحياة إذا لم تُعمق في الصلاة، ولا معنى للحرية إذا لم نشارك في الوصول إليها، ولا معنى لمسيحيتنا إذا جلسنا صامتين أمام الظلم معتقدين أن لا شيء سيجدي نفعاً، محتمين باللي نعرفه عشان أحسن من اللي ما نعرفوش.
ما أعرفه إننا مدعوون للحياة، والحياة مثل نهر متدفق، متجدد، الحياة ليست مياه راكدة مليئة بالأمراض والبلاء.
وبرضه هآخذ بنصيحتكم وأصلي... هأصلي إن ربنا يحمل مصر وشعبها بين يديه طول فترة مسيرتها نحو الحياة والحرية وهأصلي عشان يبعث لنا مصريين قلبهم على البلد وعلى الناس الغلابة وهأصلي إنه يوجه كل نوايا ذوي السلطة ناحية الخير الأعظم لكل المصريين وهأصلي إنه يغفر لكل الظالمين ويرأف بهم.
وأنهي بجزء من مقالة للأستاذ بلال فضل بعنوان "أبوذر" يظهر أمام مجلس الشعب (2) وتاريخها 23 يناير 2011 وأسألكم: إيه أفضل الناس تتظاهر ولا تنتحر؟
لست محتاجا إلى فتوى شيخ لكى أعرف أن الانتحار ليس حلا ولا حلالا، لكنك عندما تشاهد على شاشة التليفزيون صوراً للشارع الذى خرج منه الشاب الإسكندرانى الذى انتحر حرقاً، وهو يطفح بالمجارى حتى حواف أبواب بيوته وينضح بالبؤس والتعاسة، تسأل نفسك لماذا قرر ذلك الشاب أن ينتحر بدلا من أن يأخذ كل من يعيشون معه فى ذلك الشارع البائس ليرموا أنفسهم وعيالهم وحالهم وهمهم أمام باب محافظ الإسكندرية لكى يجبروه على منحهم حقوقهم فى حياة آدمية كريمة، هل كانت الحكومة ستقتلهم جميعا، أو حتى هل كانت ستحبسهم جميعا، بالطبع لا، هم ببساطة لم يفعلوا ذلك لأن كل أبواب الاحتجاج السلمى تم تخويفهم منها، لأن هناك من قتل السياسة فى هذا البلد ظناً منه أن ذلك سيحقق الأمن لأسياده وشركائهم، لأن سكان ذلك الشارع لم يسمعوا عن أبى ذر الغفارى، فهو ليس محبوبا لدى المتشددين الذين فتحت لهم الحكومة أبواب المجتمع مشرعة لكى يعبثوا بعقول الناس، وليس محبوبا لدى المنبطحين الذين حولوا الدين إلى وظيفة يأكلون منها الشهد.
حسنا، المنتحر سيذهب إلى النار، شكرا يا مشايخنا الأجلاء على المعلومة القيمة، ولكن يا ترى هلّا أجبتمونا إلى أين سيذهب الشيوخ الذين يصمتون على ظلم الحكام واستبدادهم وفسادهم، وإلى أين سيذهب الحكام الذين يدفعون ببلادهم إلى التخلف والتطرف والجهل، إلى أين سيذهب اللصوص الذين يثرون من مناصبهم ثم يعلنون محبتهم لمصر ويدعون إلى عمل الخير، إلى أين سيذهب المنافقون والظلمة والجلادون، إلى أين سيذهب الذين يعذبون الناس بالكهرباء والذين يستبيحون حرمة البيوت والذين يقمعون المتظاهرين والذين يفسدون فى الأرض بعد إصلاحها والذين يزوّرون الانتخابات والذين ينشرون الجهل والذين يمسخون روح الفقراء والذين يصنعون فى كل بيت تاجر مخدرات ومدمناً وبلطجياً وفتاة ليل ومنتحراً بوسيلة أو بأخرى، هل سيذهبون إلى الجنة يا حضرات المشايخ؟
كل الكلام أرخص من معاناة الناس، ما الذى سيعنيه هذا الكلام لدى شاب فقد الأمل؟، لا شىء، حتى الذين يقرأون كلامى الآن هم مثلى أناس لديهم أمل ما، وإن بدوا يائسين، لو لم يكن لديهم أمل ولو ضئيل لما اشتروا الصحيفة أو حتى دخلوا إلى موقعها الإلكترونى، ببساطة كلنا بنكلم بعض، كلنا نفضل أن نقول «بُقين حلوين عن الأمل واليأس» مع أننا جميعا نعلم أين مشكلتنا، لكن بعضنا أجبن من أن يواجهوا أنفسهم بالحل.. طيب ما هو الحل، يمكن أن أقول لك على رأى النكتة الشهيرة: بسم الله الرحمن الرحيم: الإجابة تونس، لكن تجارب الشعوب لا ينفع معها «الكوبى والبيست» للأسف الشديد، ومع ذلك فالإجابة الوحيدة التى أعرفها أن هذه البلاد لابد أن تتغير، لأنه لا يمكن أن يكون المشروع القومى لهذه البلاد الآن هو إثبات أن الرئيس كان على حق طيلة الثلاثين سنة الماضية. باختصار حكام هذه البلاد لابد أن يرحلوا ويمنحوها فرصة جديدة، وإلا فإنهم باستمرارهم فى البقاء على كراسيهم يحاولون أن يمنعوا انتحار مئات من الشباب بينما هم يدفعون بلداً بأكمله إلى الانتحار.

ليست هناك تعليقات: